التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6764 7187 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا عبد الله بن دينار قال : سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن في إمارته ، وقال : " إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله ، وايم الله إن كان لخليقا للإمرة ، وإن كان لمن أحب الناس إلي ، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده " . [انظر :3730 - مسلم : 2426 - فتح: 13 \ 179 ]


ذكر فيه حديث : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد . . الحديث سلف .

ومعنى الترجمة :

أن الطاعن إذا لم يعلم حال المطعون عليه وكذب في طعنه لا ينبغي أن يكترث له كثير اكتراث ، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد خلى هذا الطعن حين أقسم أنه كان خليقا للإمارة .

وفيه : أنه يتأسى المرء بما قيل في المرء من الكذب إذا قيل مثل ذلك فيمن كان قبله من الفضلاء .

وفيه : التبكيت للطاعنين ؛ لأنهم لما طعنوا في إمارة أبيه ، ثم ظهر من غناه وفضله ما ظهر كان ذلك ردا لقولهم .

فإن قلت : فقد طعن على أسامة وأبيه ما ليس فيهما ، ولم يعزل [ ص: 552 ] الشارع واحدا منهما بل بين فضلهما ، ولم (يتهمهما ) ، ولم يعتبر عمر - رضي الله عنه - بهذا القول في سعد وعزله حين قذفه أهل الكوفة بما هو بريء منه .

فالجواب : أن عمر - رضي الله عنه - لم يعلم من مغيب أمر سعد ما علمه الشارع من مغيب أمر زيد وأسامة ، وإنما قال عمر لسعد حين ذكر أن صلاته تشبه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ذاك الظن بك . ولم يقطع على ذلك كما قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر زيد أنه خليق للإمارة ، وقال في أسامة : "إنه لمن أحب الناس " ولا يجوز أن يحب الشارع إلا من أحبه الله ومن لا يسوغ فيه العيب والنقص .

ويحتمل أن يكون الطاعنون في أسامة وأبيه من استصغر سنه على من قدم عليه من مشيخة الصحابة ، وذلك جهل ممن ظنه ، ويحتمل أن يكون الطعن من المنافقين الذين كانوا يطعنون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقبحون آثاره وآراءه ، وقد وصف الله أنه من اتهم الرسول في قضاياه أنه غير مؤمن ؛ بقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون [النساء : 65 ] الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية