التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6769 [ ص: 565 ] 38 - باب: كتاب الحاكم إلى عماله ، والقاضي إلى أمنائه

7192 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن أبي ليلى ح . حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل ، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه ، أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم ، فأخبر محيصة أن عبد الله قتل وطرح في فقير -أو عين - فأتى يهود فقال : أنتم والله قتلتموه . قالوا : ما قتلناه والله . ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ، وأقبل هو وأخوه حويصة -وهو أكبر منه - وعبد الرحمن بن سهل ، فذهب ليتكلم -وهو الذي كان بخيبر - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمحيصة : " كبر كبر " . يريد السن ، فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إما أن يدوا صاحبكم ، وإما أن يؤذنوا بحرب " . فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم به ، فكتب : ما قتلناه . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن : " أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ " . قالوا : لا . قال : "أفتحلف لكم يهود ؟ " . قالوا ليسوا بمسلمين . فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده مائة ناقة حتى أدخلت الدار . قال سهل : فركضتني منها ناقة . [انظر : 2702 - مسلم : 1669 - فتح: 13 \ 184 ]


ذكر فيه حديث أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه .

الحديث بطوله في القسامة ، وقد سلف وموضع الحاجة منه هنا أنه - عليه السلام - كتب إلى أهل خيبر : " إما أن يدوا صاحبكم ، وإما أن يؤذنوا بحرب " فكتبوا : ما قتلناه . وهذا الحديث أخرجه البخاري هنا عن [ ص: 566 ] عبد الله بن يوسف عن مالك ، عن أبي ليلى ، وعن إسماعيل ، عن مالك ، عن أبي ليلى به .

وذكر ابن الحذاء أن رواية يحيى بن بكير وابن القاسم عن مالك : عن أبي ليلى عبد الله بن سهل ، وكذلك قال ابن إسحاق والبخاري ومسلم : أبو ليلى عبد الله بن سهل ، وهو الصواب -إن شاء الله - وهو أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن أخي أبي ليلى عبد الله المقتول بخيبر ابني سهل بن زيد بن كعب بن عامر بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس بن حارثة .

روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، شهد عبد الرحمن جده وأخواه أحدا مع أخيه محيصة وتأخر إسلام حويصة بعد الخندق وقريظة ، ونهش عبد الله بحرة الأفاعي وهي على ثمانية أميال من الأبواء وهو ذاهب إلى مكة ، فأمر - عليه السلام - عمارة بن حزم أن يرقيه فرقاه وهي رقية آل حزم كانوا يتوارثونها ، وعاش عبد الرحمن حتى كانت خلافة عمر - رضي الله عنه - ، فولاه البصرة حين مات عتبة بن غزوان ، فلم يلبس عليها إلا خمسا وأربعين ليلة حتى مات ، فاستخلف على البصرة العلاء بن الحضرمي .

وسهل بن أبي حثمة : عبد الله ، وقيل عامر بن ساعدة بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة ، ولد سنة ثلاث من الهجرة ، [ ص: 567 ] وحفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وأبوه كان دليل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مضى إلى أحد ، وبعثه خارصا إلى خيبر بعد جبار بن صخر ، وبعثه الصديق والفاروق وعثمان ، ومات أول خلافة معاوية وقيل في خلافة عمر .

وأمامة بنت عبد الرحمن بن سهل بن زيد كانت سهل بن أبي خثمة . ومنهم من ينسب أبا ليلى إلى سهل بن .

وكان عبد الله بن سهل له فهم وعلم . روي أنه جاءت جدتان إلى الصديق ، فأعطى السدس أم الأم دون أم الأب ، فقال له عبد الرحمن بن سهل : يا خليفة رسول الله أعطيت التي لو ماتت لم يرثها وتركت التي لو ماتت ورثها ، فجعله الصديق بينهما .

فصل :

في ألفاظه : قوله : (من جهد أصابهم ) . يعني : شدة ، و (الفقير ) : البئر ، وقيل هو حفير يتخذ في السرب الذي يصنع للماء تحت الأرض يحمل فيه الماء من موضع إلى موضع يكون عليه أفواه كأفواه الآبار منافس على السرب .

وقوله : (فأتى يهود فقال : أنتم والله قتلتموه ) . يحتمل أن يكون [ ص: 568 ] تحقيق ذلك عنده ؛ لقرائن الأحوال ، ويحتمل أنه تنقل إليه ذلك بالخبر الموجب للعلم .

وقولهم : (والله ما قتلناه ) مقابلة اليمين باليمين .

وقوله : (أقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن أخو عبد الله ) يريد : على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وقوله : "كبر كبر " يحتمل أن يراد به تأديب محيصة ، أو ليسمع من محيصة كما سمع من أخيه في أول قوله .

وقوله : "إما أن يدوا صاحبكم ، وإما أن يؤذنوا بحرب " . يريد المتهمين بالقتل إذا لم يعين القاتل .

وقوله : (فكتب إليهم بذلك ) . هو من تمام الحكم ، والإعذار عند المالكية واجب .

وقوله : لولاة الدم "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟ " يحتمل أن يكونوا ( . . . ) .

وقوله : (قالوا : لا ) توقفهم عن ذلك ؛ لأنهم لم يشهدوا قتله ، ولم يقم عندهم من طريق الخبر ما يقطعون به .

وقوله : ("تحلف لكم يهود " ) ، على معنى : رد الأيمان .

وقولهم : (ليسوا بمسلمين ) أي : لأنهم يرون قتل المسلم دينا يستخفون بالأيمان في ذلك .

وقوله : (فوداه من عنده ) يريد من (بيت ) المال ؛ لأنهم أهل إبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية