التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6797 [ ص: 612 ] 52 - باب: إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت بعد المعرفة

وقد أخرج عمر - رضي الله عنه - أخت أبي بكر - رضي الله عنه - حين ناحت .

7224 - حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدكم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء " . [انظر : 644 - مسلم : 651 - فتح: 13 \ 215 ]


[قال محمد بن يوسف : قال : يونس قال محمد بن سليمان : قال أبو عبد الله : مرماة ما بين ظلف الشاة من اللحم مثل منساة وميضاة . الميم مخفوضة ] .

ثم ساق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب " . الحديث سلف في الصلاة في باب وجوب صلاة الجماعة .

قال المهلب : إخراج أهل الريب والمعاصي من دورهم بعد المعرفة [ ص: 613 ] واجب على الإمام لأجل تأذي من جاورهم ، ومن أجل مجاهرتهم بالعصيان وإذا لم يعرفوا بأعيانهم فلا يلزم البحث عن أمرهم ؛ لأنه من التجسس الذي نهى عنه ، وليس للسلطان أن يرفع ستر اختفائهم حتى يعلنوا إعلانا يعرفون به ؛ لقوله عن الله تعالى : "كل عبادي معافون إلا المجاهرون " ، فحينئذ يجب على السلطان تغييره والنكال فيه كما صنع بأخت الصديق حين ناحت .

وقال غيره : ليس إخراج أهل المعاصي بواجب ، فمن ثبت عليه ما يوجب الحد أقيم عليه ، وإنما أخرج عمر - رضي الله عنه - تلك ؛ لأنه نهاها عن النياحة ، فلم تنته وأبعدها عن نفسه لا أنه أبعدها عن البيت أبدا ؛ لأنها رجعت بعد ذلك إلى بيتها .

وقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل فاسد يأوي إليه أهل الفسق والشر ما يصنع به ؟ قال : يخرج من منزله وتخارج عليه الدار ، قلت : لا تباع عليه ؟ قال : لعله يتوب فيرجع إلى منزله ، قال ابن القاسم : ويتقدم إليه مرة أو مرتين أوثلاثا ، فإن لم ينته أخرج وأكريت عليه .

وقد مر هذا المعنى في آخر الجهاد في باب أمره - عليه السلام - بإخراج المشركين من جزيرة العرب .

[ ص: 614 ] فصل :

فيه من الفوائد : الرغبة لمن ترك صلاة الجماعة من غير عذر ، وفيه جواز العقوبة بالمال كالعتق بالمثلة.

فصل :

المرماة في الحديث المذكورة بكسر الميم وفتحها حديدة كالسنان كانت الجاهلية يكومون كوما من تراب ويبعدون عنه ويرمون تلك الحديدة فأيهم أثبتها فيه فهو غالب ، قاله ابن وضاح ، وقال مالك : المرماتين : السهمانين ، وقال أبو عبيد : (ما بين ) ظلفي الشاة ، وقال : وهذا حرف لا أعرفه ولا أدري تفسيره .

فصل :

معنى الحديث : أن المنافقين كانوا يتخلفون عن الجماعة معه - عليه السلام - فهم بتحريق بيوتهم عقوبة لهم ثم أخبر - عليه السلام - بحقارة ما يتبادرون إليه من العظم أو المرماتين وعدم ما يتخلفون عنه في شهود الصلاة في مسجد معه ، وأتاهم - عليه السلام - يحرق بيوتهم ولم يفعل ؛ لأنه - عليه السلام - لم يتقدم إليه في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية