التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6801 [ ص: 621 ] 2 - باب: تمني الخير ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لو كان لي أحد ذهبا "

7228 - حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، سمع أبا هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي ثلاث وعندي منه دينار ، ليس شيء أرصده في دين علي أجد من يقبله" . [انظر : 2389 - مسلم : 991 - فتح: 13 \ 217 ]


ثم ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -بلفظ : "لو كان عندي أحد ذهبا لأحببت أن لا يأتي علي ثلاث وعندي منه دينار ، ليس شيء أرصده في دين علي أجد من يقبله " .

الشرح : فيه أيضا تمني الخير وأفعال البر ؛ لأنه - عليه السلام - تمنى لو كان مثل أحد ذهبا لأحب أن ينفقه في الطاعة قبل أن يأتي عليه ثلاث ، قال : وقد تمنى الصالحون ما يمكن كونه وما لا يمكن كونه حرصا منهم على الخير ، فتمنى بنو الزبير منازل من الدنيا ؛ لينفذ أقوالهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

وروي أن عبد الله وعروة ومصعبا بني الزبير بن العوام اجتمعوا عند الكعبة ، فقال : عبد الله أحب أن لا أموت حتى أكون خليفة بالحجاز ، وقال مصعب : أحب أن إلي العراقين : الكوفة والبصرة ، وأتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة ، وقال عروة : لكني أسأل الله الجنة ، فصار عبد الله ومصعب إلى ما تمنيا ورئي أن عروة صار إلى الجنة إن شاء الله .

وروي بدله ابن عمر ، وروي أنه كان معهم بدل عروة عبد الملك بن مروان ، وتمنى أن لا يميته حتى يوليه شرق الأرض وغربها ولا ينازعه [ ص: 622 ] أحد إلا أتى برأسه .

وما تمنوه مما لا سبيل إلى كونه تصغيرا لأنفسهم وتحقيرا لأعمالهم ، فتمنوا أنهم لم يخلقوا وأنهم أقل الموجودات ، تمنى الصديق أن يكون (بحفرة تأكله الذئاب ) ، وتمنى عمر أن يكون تبنة من الأرض فقال : يا ليتني كنت هذه ، ليتني لم أك شيئا ، ليت أمي لم تلدني ، ليتني كنت نسيا منسيا ، وقرأ عمر - رضي الله عنه - : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا [الإنسان : 1 ] ، فقال : يا ليتها تمت .

قال عمران بن حصين : وددت أني رماد على أكمة تسفيني الرياح في يوم عاصف .

وقال أبو ذر - رضي الله عنه - : وددت أن الله خلقني شجرة تقضم .

ومرت عائشة - رضي الله عنها - بشجرة فقالت : يا ليتني كنت ورقة من هذه الشجرة .

[ ص: 623 ] وقال أبو عبيدة : وددت أني كبش فذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويحسون مرقي .

وإنما حملهم على ذلك شدة الخوف من المساءلة والعرض عليه ، وعلى قدر العلم بالله تكون الخشية منه ، ولذلك قال الفضيل : من مقت نفسه في الله آمنه الله من مقته .

التالي السابق


الخدمات العلمية