التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6832 7260 - وحدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، أن أبا هريرة قال بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قام رجل من الأعراب فقال : يا رسول الله ، اقض لي بكتاب الله . فقام خصمه فقال : صدق يا رسول الله ، اقض له بكتاب الله ، وأذن لي . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "قل " . فقال : إن ابني كان عسيفا على هذا -والعسيف الأجير - فزنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة من الغنم ووليدة ، ثم سألت أهل العلم ، فأخبروني أن على امرأته الرجم ، وأنما على ابني جلد مائة وتغريب عام . فقال : "والذي نفسي [ ص: 647 ] بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، أما الوليدة والغنم فردوها ، وأما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام ، وأما أنت يا أنيس -لرجل من أسلم - فاغد على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها" . فغدا عليها أنيس ، فاعترفت فرجمها . [انظر : 2315 - مسلم : 1697 - فتح: 13 \ 233 ]


الشرح :

قال تعالى قبل هذه الآية : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب الآية [التوبة : 120 ] ، قال قتادة : أمروا أن لا يتخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج بنفسه ، فإذا وجه سرية تخلف بعضهم ؛ ليسمعوا الوحي والأمر والنهي فيخبروا به من كان غائبا ، وقيل : كان الفرض في أول الإسلام أن ينفر الجميع ثم لما كثر المسلمون صار الجهاد فرضا ، ويبقى بعضهم لحفظ أمصارهم ومنع الأعداء منهم ولحفظ نبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام - .

فصل :

وما جزم به من تسمية الرجل طائفة ، واستدلاله بالآية هو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره .

وقال عطاء : الطائفة الرجلان فصاعدا ، وقال مالك : الطائفة أربعة .

وقال الزجاج : لا يجوز أن تكون الطائفة واحدا ؛ لأن معناها معنى الجماعة ، والجماعة لا تكون لأقل من اثنين ، وقال ابن فارس وغيره [ ص: 648 ] من أهل اللغة : الطائفة : القطعة من الشيء ، ولا يمتنع إذا أن يسمى الواحد طائفة .

وروي عن مجاهد في الآية المذكورة أنهما كانا رجلين ، والأشبه في معنى الآية الأخرى وليشهد عذابهما طائفة [النور : 2 ] أنها أكثر من واحد ؛ لأن المراد بها الشهرة ، وكذا طائفة التفقه .

فصل :

خبر الواحد واجب العمل به عند جماعة العلماء ، ولا يحتاج إلى عدد محصور .

وقيل : اثنان ، وقيل : ثلاثة ، وقيل : أربعة ، وقيل : عشرون ، وقيل : اثنا عشر ، وقيل : ثمانون ، والكل ضعيف .

ثم ساق البخاري في الباب أحاديث سلفت :

أحدها : حديث مالك بن الحويرث السالف في الأذان وغيره . وفيه : ونحن شببة متقاربون ، جمع شاب ، مثل : سفرة .

ثانيها : حديث التيمي هو سليمان ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، قال : "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن -أو قال : ينادي - ليرجع قائمكم وينبه نائمكم ، وليس الفجر أن يقول هكذا -وجمع يحيى كفيه - حتى يقول هكذا " . ومد يحيى إصبعيه السبابتين .

وقد سلف ، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مثله ، وسلف أيضا [ ص: 649 ] و (يرجع ) بفتح أوله ثلاثي ، وهو لغة القرآن ، يقال : رجع بنفسه ورجعه غيره ، ولغة هذيل : أرجعه .

والأصبع يذكر ويؤنث ، وفيه عشر لغات سلفت ، واقتصر ابن التين على خمسة .

ثالثها : حديث ابن مسعود في السهو وأنه - عليه السلام - صلى الظهر خمسا ، فقيل : أزيد في الصلاة ؟ قال : "وما ذاك ؟ " . قالوا : صليت خمسا . فسجد سجدتين بعد ما سلم .

رابعها : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ذي اليدين ، ولا دلالة فيها لما بوب له من خبر الواحد ؛ لأن المخبرين له جماعة ، واستدل به على الشافعي أن [سجود السهو في ] الزيادة بعد السلام .

خامسها : حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في التحول إلى القبلة ، وهو أول ما نسخ من القرآن في قول ابن عباس ، وكانت في الثانية في رجب وقيل في جمادى ، وقد سلف واضحا .

سادسها : حديث البراء مثله ، وقد يقال : إنه ليس من هذا الباب ، وإنما هو خبر أتحف به قرائن ؛ لأنهم وعدوا التحويل .

سابعها : حديث أنس - رضي الله عنه - : كنت أسقي أبا طلحة ، وأبا عبيدة ، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ -وهو تمر - فجاءهم آت فقال : إن الخمر قد حرمت ، . . الحديث .

و (المهراس ) المذكور فيه : حجر منقور يدق فيه ، والهرس : الدق ، ومنه سميت الهريسة .

[ ص: 650 ] ثامنها : حديث حذيفة - رضي الله عنه - : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل نجران : " لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين " . فاستشرف لها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبعث أبا عبيدة .

وحديث أنس - رضي الله عنه - : "لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة " .

وحديث عمر - رضي الله عنه - : كان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا غبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاني بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وحديث علي - رضي الله عنه - السالف قريبا في أمر الأمير بدخول النار .

وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أخبراه أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ثم ساقه من حديث أبي هريرة .

وفيه رد على أبي حنيفة في نفي التغريب ، ورد على من اعتبر تكرار الإقرار بالزنا ، وقوله في حديث علي - رضي الله عنه - : فأوقد نارا ، ووقدت النار ووقدت . قال ابن التين : ولم أره في كتب اللغة .

وهذا الحديث ليس فيما بوب له أيضا ؛ لأنهم لم يطيعوه ، والشارع قد بين لهم أنهم لو دخلوها ما زالوا فيها إلى يوم القيامة ، وأبعد من قال : إنه كان يمزح في مقالته .

التالي السابق


الخدمات العلمية