التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6887 7318 - فخرجت فوجدت محمد بن مسلمة فجئت به، فشهد معي أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " فيه غرة عبد أو أمة ". تابعه ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن المغيرة. [ انظر: 6906 - مسلم: 1683 - فتح: 13 \ 298 ].


ذكر فيه قيس، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لا حسد إلا في اتنتين: رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها".

وحديث هشام، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة في إملاص المرأة. تابعه ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن المغيرة.

[ ص: 91 ] الشرح:

الاجتهاد فرض واجب على العلماء عند نزول الحادثة، والواجب على الحاكم أو العالم إن كان من أهل الاجتهاد أن يلتمس حكم الحادثة في الكتاب والسنة، ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما احتاج أن يقضي في الإملاص سأل الصحابة من عنده علم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك؟ فأخبره المغيرة ومحمد بن مسلمة في ذلك، فحكم به ولم يسعه الحكم في ذلك باجتهاده إلا بعد طلب النصوص من السنة، فإذا عدم السنة رجع إلى الإجماع، فإن لم يجده نظر هل يصح حمل حكم الحادثة على بعض الأحكام المتقدمة لعله يجمع بينهما، فإن وجد ذلك لزمه القياس عليها إذا لم تعارضها علة أخرى.

ولا فرق بين أن يجد العلة مما هو من باب الحادثة أوغيرها; لأن الأصول كلها يجب القياس عليها إذا صحت العلة، فإن لم يجد العلة استدل بشواهد الأصول وعلة الأشباه إذا كان ممن يرى ذلك، فإن لم يتوجه له وجه من بعض هذه الطرق وجب أن يقر الأمر في النازلة على حكم العقل، ويعلم أن لا حكم لله فيها شرعا زائدا على العقل. هذا قول ابن الطيب.

قال غيره: وهذا هو الاستنباط الذي أمر الله عباده بالرجوع إلى العلماء فيه بقوله تعالى: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم [ النساء: 83 ]، والاستنباط هو الاستخراج، ولا يكون إلا في القياس; لأن النص ظاهر جلي، وليس يجوز أن يقال: إن عدم النص على الحادثة في كتاب الله أو سنة رسوله يوجب أن لا حكم لله فيها; [ ص: 92 ] لقوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء [ الأنعام: 38 ] إذ لو خلا بعض الحوادث أن يكون لا حكم له فيها لبطل إخباره إيانا بقوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء [ الأنعام: 38 ] وفي علمنا أن النصوص لم تحط بجميع الحوادث دلالة على أن الله تعالى قد أبان لنا حكمها بغير جهة النص، وهو القياس على علة النص، ولو لم يتعبدنا الله بما نص عليه فقط لمنع عباده الاستنباط الذي أباحه لهم، والاعتبار في كتابه الذي دعاهم إليه، ولو نص على كل ما يحدث إلى قيام الساعة; لطال الخطاب وبعد إدراك فهمه عن المكلفين، بل كانت بنية الخلق تعجز عن حفظه.

فالحكمة فيما فعل تعالى من وجوب الاجتهاد والاستنباط والحكم للأشياء بأشباهها ونظائرها في المعنى، وهذا هو القياس الذي نفاه أهل الجهالة القائلون بالظاهر المنكرون للمعاني والعلل، ويلزمهم التناقض في نفيهم القياس; لأن أصلهم الذي بنوا عليه مذهبهم أنه لا يجوز إثبات فرض في دين الله إلا بإجماع من الأمة [ والاجتهاد والقياس فرض على العلماء عند عدم النصوص، فيلزمهم أن يأتوا بإجماع من الأمة ] على إنكار القياس، وحينئذ يصح قولهم، ولا سبيل لهم إلى ذلك.

فصل:

أسلفنا الخلاف في الآية السالفة، وأن الشعبي قال: الكافرون في المسلمين والظالمون في اليهود والفاسقون في النصارى، وقيل الآيات [ ص: 93 ] كلها في الكفار كلهم، وقال الداودي: أنزلت على اليهود وأهل الكفر مع إنه ما أنزل الله فيهم شيئا قبح عليهم إلا حدوث أن نقع في مثله والفاسقون في المسلمين.

فصل:

وقد سلف الكلام على الحسد وأن المراد به الغبطة لا المذموم، وسلف الكلام أيضا على الإملاص، واحتج به الأبهري على أن المرأة تعامل الرجل إلى ثلث ديتها قال: لأنه - عليه السلام - ساوي في دية الجنين، بين الذكر والأنثى في الغرة ولم يفرق بينهما، وهذا مذهب مالك، وقال أبو حنيفة والشافعي: هي في ديتها على النصف في القليل والكثير، وقيل: تقابل إلى نصف الدية، وقيل: إلى الموضحة، وقيل: إلى عشر الدية، ونصف عشرها، وهي دية المنقلة. فهذه خمسة أقوال.

التالي السابق


الخدمات العلمية