التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6973 7408 - حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، أخبرنا قتادة قال: سمعت أنسا - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما بعث الله من نبي إلا أنذر قومه الأعور الكذاب، إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر ". [ انظر: 7131 - مسلم: 2933 - فتح: 13 \ 389 ].


ذكر فيه حديث نافع عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ذكر الدجال عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: "إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور".

وحديث أنس - رضي الله عنه - : فيه أيضا "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".

الشرح:

ما ذكره في تفسير: ولتصنع على عيني هو قول قتادة، وهو معروف في اللغة يقال: صنعت الفرس وصنعته إذا أحسنت القيام عليه، واستدلاله من هذه الآية والحديث على أن لله تعالى ( صفة ) سماها ( عينا ) ليست هو ولا غيره، وليست كالجوارح المعقولة بيننا; [ ص: 256 ] لقيام الدليل على استحالة وصفه بأنه ذو جوارح وأعضاء تعالى عن ذلك، خلافا لما تقوله المجسمة من أنه تعالى جسم لا كالأجسام.

واستدلوا على ذلك بهذه، كما استدلوا بالآيات المتضمنة لمعنى الوجه، واليدين. ووصفه لنفسه بالإتيان والمجيء والهرولة في حديث الرسول، وذلك كله باطل وكفر من متأوله; لقيام الدليل على تساوي الأجسام في دلائل الحدث القائم بها واستحالة كونه من جنس المحدثات، إذ المحدث إنما كان محدثا من حيث متعلق هو متعلق بمحدث أحدثه، وجعله بالوجود أولى منه بالعدم.

فإن قالوا: الدليل على صحة ما نذهب إليه من أنه تعالى جسم أنه - أي: الله - ليس بأعور، وإشارته إلى عينه، وأن المسيح الدجال أعور عين اليمنى ففي إشارته إلى عينه بيده تنبيه منه على أن عينه كسائر الأعين.

قلنا لهم: قد تقدم في دليلنا استحالة كونه جسما; لاستحالة كونه محدثا، وإذا صح ذلك وجب صرف قوله، وإشارته بيده إلى معنى يليق به وهو نفي النقص والعور عنه تعالى، وأنه ليس كمن لا يرى ولا يبصر بل هو منتف عنه جميع النقائص والآفات التي هي أضداد

[ ص: 257 ] البصر والسمع وسائر صفات ذاته التي يستحيل وصفه بأضدادها، إذ الموصوف بها تارة وأضدادها أخرى محدث مربوب، لدلالة قيام الحوادث به على حدثه.

فصل:

قد أسلفنا أن قوله: "طافية" تروى بغير همز، أي: بارزة ظاهرة، وكذا الرواية هنا، وبهمز أي: غائرة مفقوءة أي: ذهب ماؤها.

وقوله: ( "مكتوب بين عينيه كافر" )، وقيل: يعني أنه سمي بذلك، وكتب بين عينيه العوراء والصحيحة.

التالي السابق


الخدمات العلمية