التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6974 [ ص: 258 ] 18 - باب: قول الله - عز وجل - : هو الله الخالق البارئ المصور

7409 - حدثنا إسحاق، حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا موسى - هو ابن عقبة - حدثني محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن أبي سعيد الخدري في غزوة بني المصطلق أنهم أصابوا سبايا، فأرادوا أن يستمتعوا بهن ولا يحملن، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العزل، فقال: " ما عليكم أن لا تفعلوا، فإن الله قد كتب من هو خالق إلى يوم القيامة ". وقال مجاهد: عن قزعة، سمعت أبا سعيد فقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها ". [ انظر: 2229 - مسلم: 1438 - فتح: 13 \ 390 ].


ذكر فيه حديث ابن محيريز، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : في غزوة بني المصطلق أنهم أصابوا سبايا. . الحديث، وقد سلف في بابه.

وقال مجاهد: عن قزعة، سألت أبا سعيد فقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها".

الشرح:

ابن محيريز اسمه: عبد الله، وكنيته، أبو محيريز بن محيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان بن سعد بن جمح القرشي الجمحي ( المكي رباه أبو محذورة أوس بن معير بن لوزان بن جمح )، أحد المؤذنين كان بمكة وقتل أخوه أنيس بن معير كافرا ببدر.

قال رجاء بن حيوة: إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم ابن عمر [ ص: 259 ] - رضي الله عنهما - فإنا نفخر بعابدنا ابن محيريز، إن كنت لأعد أن بقاءه أمانا لأهل الأرض، مات قبل المائة، إما في خلافة عمر بن عبد العزيز أو في خلافة الوليد بن عبد الملك بالشام، أخرجوا له.

واسم أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان، ولقب سنان الشهيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج، مات سنة أربع وسبعين.

فصل:

والسبايا جمع سبيئة بالهمز وهي المرأة التي تسبى مثل: خطيئة وخطايا، وكان الأصل سبائئ وخطائئ على فعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قلبت الثانية ياء; لأن قبلها كسرة ثم استثقلت، والجمع ثقيل. وهو معتل مع ذلك قلبت الياء ألفا، ثم قلبت الهمزة الأولى بإلحاقها بين الألفين.

وقوله: ( يستمتعوا بهن ولا يحملن ). يعني: الوطء، وفي رواية: وأحبوا الأثمان، وفي رواية أخرى: أحببنا الفداء، وفيه دليل على داود في إجازته بيع أمهات الأولاد.

وقوله: ( "ما عليكم أن لا تفعلوا" ). وقيل معناه: إباحة العزل، وقيل: النهي عنه. وفي مسلم أنه الوأد الخفي.

وفي أخرى ( زيادة ): وإذا الموءودة سئلت [ التكوير: 8 ].

[ ص: 260 ] فصل:

قال الأصيلي: كان سبي بني المصطلق من عبدة الأوثان اللائي لا يجوز وطؤهن بملك، وإنما أجاز - عليه السلام - وطأهن لأصحابه قبل قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [ البقرة: 221 ] وقيل: إنهن أسلمن، فلذلك حل وطؤهن.

وقال ابن أبي زيد في قوله: "ما من نسمة كائنة" إلى آخره. ما يدل على أن الولد يكون مع العزل، ولهذا قال العلماء: من أقر بوطء أمته، وادعى العزل لحق به الولد. وهو الأصح عندنا فيحرم نفيه; لأن الإسباق ومثل هذا يكون معنى قوله: "ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها".

فصل:

الخالق المبدع والمنشئ لأعيان المخلوقات، وهو معنى لا يشاركه فيه أحد من خلقه، ولم يزل الله مسميا لنفسه خالقا ورازقا على معنى أنه يخلق ويرزق لا على معنى أنه خلق الخلق، في أزله، لاستحالة قدم العالم، والخلق أيضا يكون بمعنى التصوير، وهذا أمر يصح مشاركة الخلق فيه له فالخلق المذكور هنا بمعنى الإبداع والاختراع لأعيان السماوات والأرض، والخلق بمعنى: التصوير، قوله تعالى وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير [ المائدة: 110 ]. أي: تصور لا تخترع.

ومنه قول الشاعر:


فلأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

التالي السابق


الخدمات العلمية