التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
6979 7415 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، سمعت إبراهيم قال: سمعت علقمة يقول: قال عبد الله: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك. فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: وما قدروا الله حق قدره . [ انظر: 4811 - مسلم: 2786 - فتح: 13 \ 393 ]


ذكر فيه حديث أنس - رضي الله عنه - في الشفاعة بطوله.

وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : "يد الله ملأى لا يغيضها نفقة" الحديث وسلف.

وحديث عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : "إن الله يقبض الأرض يوم القيامة، وتكون السماوات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك". رواه سعيد عن مالك.

وقال عمر بن حمزة: سمعت سالما، سمعت ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا.

وقال أبو اليمان: أنا شعيب، عن الزهري، أخبرني أبو سلمة، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يقبض الله الأرض".

وحديث سليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله - رضي الله عنه - ، أن يهوديا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات. . الحديث.

[ ص: 264 ] قال يحيى بن سعيد: وزاد فيه فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة عن عبد الله: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبا وتصديقا له.

وحديث علقمة قال: قال عبد الله - رضي الله عنه - : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، إن الله يمسك السماوات على إصبع، . . الحديث.

الشرح:

اليد هنا: القدرة، قال الداودي: يحتمل أن يريد ذلك. وقال ( أبو المعالي )، ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليد والعين والوجه صفات ثابتة للرب، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل، والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة، والعين على البصر، والوجه على الوجود.

قال ابن فورك: قوله: "يد الله مع الجماعة"، من أصحابنا من قال: اليد هنا بمعنى الذات كقوله تعالى: مما عملت أيدينا [ يس: 71 ] أي: ما عملنا، قال: فإن قال قائل: إذا حملتم اليد على معنى الذات فهلا حملتموه في قوله: خلقت بيدي [ ص: 75 ] على الذات؟! قيل: لا يصح ذلك، ذكره ابن التين، قال: والفرق بينهما أن الله تعالى قال ذلك لإبليس محتجا عليه مفضلا لآدم بهذا التخصيص مبطلا لقوله: [ ص: 265 ] أنا خير منه ، فلو حمل على معنى الذات سقطت الفائدة وبطل معنى الاحتجاج منه تعالى على إبليس فيه.

وقال ابن بطال: استدلاله بقوله تعالى: لما خلقت بيدي [ ص: 75 ] وسائر أحاديث الباب على إثبات يدين لله تعالى هما صفتان من صفات ذاته ليستا بجارحتين بخلاف قول المجسمة المثبتة أنهما جارحتان، وخلاف قول القدرية النفاة لصفات ذاته ثم إذا لم يجز أن يقال: إنهما جارحتان ( لم يجز أن ) يقال: إنهما قدرتان ولا إنهما نعمتان; لأنهما لو كانتا قدرتين لفسد ذلك من وجهين:

أحدهما: أن الأمة أجمعت من بين ناف لصفات ذاته وبين مثبت لها أن الله تعالى ليس له قدرتان بل واحدة في قول المثبتة ولا قدرة له في قول النافية لصفاته، إنهم يعتقدون كونه قادرا بنفسه لا بقدرته.

والآخر: أن الله تعالى قال لإبليس: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي الآية [ ص: 76 ] قال إبليس مجيبا له: أنا خير منه خلقتني من نار [ ص: 76 ] فأخبر بالعلة التي لأجلها لم يسجد، وأخبره تعالى بالعلة التي لها أوجب السجود وهي خلقه بيده، فلو كانت القدرة: اليد التي خلق آدم بها وبها خلق إبليس، لم يكن لاحتجاجه تعالى عليه بأن خلقها بما يوجب عليه السجود معنى; إذ إبليس مشارك لآدم فيما خلقه به تعالى من قدرته، ولم يفخر إبليس بأن يقول له: أي رب، فأي فضل له وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته ولم يعدل إبليس عن هذا الجواب إلى أن يقول: أنا خير منه; لأنه خلقه من نار وخلق آدم من طين، فعدول إبليس عن هذا الاحتجاج مع وضوحه دليل على [ ص: 266 ] أن آدم خصه الله من خلقه بيده بما لم يخص به إبليس، وكيف يسوغ للقدرية القول بأن اليد هنا القدرة، وظاهر الآية مع هذا يقتضي يدين، فينبغي على الظاهر إثبات قدرتين وذلك خلاف الأمة، ولا يجوز أن يكون المراد باليدين: نعمتين; لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله; لأن النعم مخلوقة كلها، وإذا استحال كونهما جارحتين ونعمتين وقدرتين ثبت أنهما يدان صفتان لا كالأيدي، والجوارح المعروفة عندنا اختص آدم بأن خلقه بهما من بين سائر خلقه تكريما له وتشريفا.

فصل:

وفي هذا الحديث دليل على شفاعة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته خلافا لمن أنكرها من المعتزلة والقدرية والخوارج، وهذا الحديث في غاية الصحة والقوة تلقاه المسلمون بالقبول إلى أن حدث أهل العناد والرد لسنن رسوله، وفي كتاب الله ما يدل على صحة الشفاعة إخبارا عن الكفار إذ قيل لهم: ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين ، إلى اليقين [ المدثر: 42 - 47 ]، فأخبروا عن أنفسهم بالعلل التي من أجلها سلكوا في سقر، ثم قال: فما تنفعهم شفاعة الشافعين زجرا لأمثالهم من الكافرين، وترغيبا للمؤمنين في الإيمان; ليحصل لهم به شفاعة الشافعين، وهذا دليل قاطع على ثبوت الشفاعة.

فإن عارض حديث الشفاعة معارض بأحاديث الوعيد كقوله: "من قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم أبدا، ومن تحسى سما"

[ ص: 267 ] الحديث، ونحوه من الأخبار، فالجواب: بأنه لا تعارض لجواز أن يكون الله أنفذ عليه وعيده بأن خلده في النار أكثر من مدة بقاء من خرج بالشفاعة ثم يخرج من النار بعد ذلك، لشفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما في قلبه من الإيمان المنافي للكفر; لأن الخلود الأبدي الدائم إنما يكون في الكفار الجاحدين، وما جاء في كتاب الله من ذكر الخلود للمؤمنين; كقوله: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها [ النساء: 93 ] فإنما يراد بالتخليد تطويل المدة عليه في العذاب ولا يقتضي التأبيد، كما يقتضي خلود الكافرين، ويحتمل تأويل الحديث: من قتل نفسه على وجه الاستحلال والردة فجزاؤه ما ذكر في الحديث; لأن فاعل ذلك كافر لا محالة، ويشهد لهذا ما قاله قبيصة فيما سلف في البخاري في تأويل قوله - عليه السلام - : " فسحقا سحقا" قال: هو في المرتدين، وقد سلمت جماعة من المعتزلة له شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجه دون وجه; لما لم يمكنها رد الأحاديث الواردة فيها; لانتشارها وقبول الأمة لها، ولشهادة ظواهر كتاب الله سبحانه لها فقالوا: تجوز شفاعته - عليه السلام - للتائب من الكبائر ولمن أتى بصغيرة مع اجتنابه الكبائر، أو في مؤمن لا ذنب له ( لتباب )، وهذا كله فاسد على أصولهم; لاعتقادهم أن الله - سبحانه وتعالى - يستحيل منه تعذيب التائب من كبيرته، أو فاعل الصغائر إذا اجتنب الكبائر، أو تأخير ما استحق الذي لا ذنب له من الثواب; لأنه لو عذب من ذكرنا وأخر ثواب الآخر ولم يوف التائب والمجتنب للكبائر مع فعله للصغائر ثوابه على أعماله لكان ذلك خارجا عن [ ص: 268 ] الحكمة وظالما فذلك من صفات المخلوقين، وإذا كان هذا أصلهم فإثبات الشفاعة على هذا الوجه لا معنى له، فبطل قولهم ولزمهم تسليم الشفاعة على الوجه الذي يقول به أهل السنة والحق، وهذا بين ولله الحمد.

فصل:

وقوله: ( "ويذكر خطيئته التي أصاب" ) يحتج به من يجوز وقوع الصغائر منهم عليهم الصلاة والسلام، وقد قام الإجماع على عصمتهم في الرسالة، وأنه لا يقع منهم الكبائر، واختلفوا في جواز الصغائر عليهم، فأطبقت المعتزلة والخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم، وزعموا أن الرسل لا يجوز أن يقع منهم ما ينفر الناس عنهم، وأنهم معصومون من ذلك وهذا باطل; لقيام الدليل من التنزيل، وحديث الرسول أنه ليس كل ذنب كفرا، وقولهم: إن الباري - سبحانه وتعالى - يجب عليه عصمة الأنبياء من الذنوب ( كي ) لا ينفر الناس عنهم; بمواقعتهم لها. هو فاسد بخلاف القرآن له، وذلك أن الله تعالى قد أنزله وفيه متشابه مع سابق علمه أنه سيكون ذلك سببا لكفر قوم، فقال تعالى: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله [ آل عمران: 7 ]، وقال تعالى: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر [ النحل: 101 ]، فكان التبديل الذي هو النسخ سببا لكفرهم، كما كان إنزاله تعالى متشابها سببا لكفرهم.

[ ص: 269 ] ونقل ابن بطال عن أهل السنة: أنه جائز وقوع الصغائر عليهم واحتجوا بقوله تعالى مخاطبا لرسوله في آية الفتح، قال: وقد ذكر الله في كتابه ذنوب الأنبياء فقال: وعصى آدم ربه فغوى [ طه: 121 ] وقال نوح لربه: إن ابني من أهلي [ هود: 45 ] فسأل أن ينجيه، وقد كان تقدم إليه فقال: ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون [ هود: 37 ] وقال إبراهيم: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين [ الشعراء: 82 ] وفي كتاب الله تعالى من ذكر خطاياهم ما لا خفاء به، وقد سلف الاحتجاج في هذه المسألة في كتاب الدعاء في قوله ( باب ): رب اغفر لي ما قدمت، إلى آخره.

فصل:

فإن قلت: فما معنى قول آدم - عليه الصلاة والسلام - : "ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض". وقد تقدم آدم قبله. فالجواب: أن آدم لم يكن رسولا; لأن الرسول يقتضي مرسلا إليه في وقت الإرسال وهو - عليه السلام - أهبط إلى الأرض وليس فيها أحد، ذكره ابن بطال، وكذا قال الداودي فيه: إن آدم ليس برسول; لقوله في نوح: "أول رسول". وسيأتي قريبا الخلف فيه في باب: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة

ثم قال ابن بطال: فإن قيل لما تناسل منه ولده وجب أن يكون رسولا إليهم، قيل: إنما أهبط - عليه السلام - إلى الأرض، وقد علمه الله ( أحكام ) دينه وما يلزمه من طاعة ربه فلما حدث ولده بعده حملهم [ ص: 270 ] على دينه وما هو عليه من شريعة ربه كما أن الواحد منا إذا ولد له ولد يحمله على سنته وطريقته ولا يستحق بذلك أن يسمى رسولا، وإنما سمي نوح رسولا; لأنه بعث إلى قوم كفار; ليدعوهم إلى الإيمان.

وقوله: ( "ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض" ) ذكر أهل التاريخ أن إدريس جد نوح، فإن صح أن إدريس رسول لم يصح قولهم: إنه قبله وإلا احتمل أن يكون إدريس غير مرسل.

فصل:

وأما حديث الأصبع فإنه إذا لم يصح أن يكون جارحة لما قدمناه من إبطال التجسيم، فتأويله ما قاله أبو الحسن الأشعري ( من ) أن هذا وشبهه مما أثبته الرسول - صلى الله عليه وسلم - لله تعالى، ووصفه به راجع إلى أنه صفة ذات لا يجوز تحديدها ولا تكييفها.

وقد قال أبو بكر بن فورك: إنه يجوز أن يكون الأصبع خلق الله يخلقه يحمله على ما حملت عليه الأصبع، ودليله أنه لم يقل: على أصبعه، بل أطلق ذلك منكرا، وليس ينكر في خلق الله تعالى أن يخلق خلقا على هذا الوجه.

قال محمد بن شجاع الثلجي: يحتمل أن يكون خلق من خلق الله يوافق اسمه اسم الأصبع، فقال: إنه يحمل السماوات على ذلك، ويكون ذلك تسمية للمحمول عليه [ بما ] ذكر فيه، ويحتمل أن يكون [ ص: 271 ] المراد بالأصبع: القدرة والملك والسلطان على معنى قول القائل: ما فلان إلا بين أصبعي، إذا أراد الإخبار عن جريان قدرته عليه، فذكر معظم المخلوقات، وأخبر عن قدرة الله تعالى على جميعها معظما لشأن الرب تعالى في قدرته وسلطانه.

وقال الداودي: يحتمل أن يكون الأصبع ملكا أو خلقا من خلق الله يملكه ذلك ويقدره عليه.

وقال الخطابي: ذكر الأصابع لم يوجد في كتاب ولا سنة مقطوع بصحتها وليس معنى اليد الجارحة حتى يتوهم ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف شرعي أطلقنا الاسم فيها على ما جاء في الكتاب من غير تكييف فخرج بذلك أن يكون [ له ] أصل الكتاب والسنة أو أن يكون على شيء من معانيها .

فصل:

وضحكه - عليه السلام - كالمتعجب منه أنه يستعظم ذلك في قدرته. وإنه ليسير في جنب ما يقدر عليه، ولذلك قرأ عليه قوله: وما قدروا الله حق قدره [ الأنعام: 91 ] أي ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ويحيط به الحد والحصر; لأنه تعالى يقدر على إمساك جميع مخلوقاته على غير شيء كما هي اليوم; لقوله تعالى: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها [ الرعد: 2 ].

[ ص: 272 ] فصل:

وقوله: ( "ملأى" ) أي: عطاؤه واسع ومنته كاملة، تقول العرب: لي عند فلان يد بيضاء أي: منة كاملة، وقوله: ( "لا يغيضها" ) أي: لا ينقصها، وقال أبو زيد: غاض عن السلعة أي: نقص، ومنه قوله تعالى: وغيض الماء [ هود: 44 ]

وقوله: ( "سحاء" ) يقال: سح المطر والدمع وغيرهما سحوحا: انصب وسال، فكأنها لامتلائها بالعطاء تسيل أبدا، وفي "الصحاح": تفيد السيلان من فوق. وهو غاية في التمثيل; لأن سيل الماء من فوق أشد من سيلانه في أرض وطيئة.

فصل:

قال الداودي: هذا الحديث كأنه ركب مبنيا على غير أصله، وذلك أن أول الحديث فيه ذكر الشفاعة من الموقف، وفي آخره ذكر الشفاعة فيمن يخرج من النار، وذكر من يبقى فيها ممن يخلد.

فصل:

قوله: ( "ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن" ) يعني: من أخبر القرآن بخلوده فيها، وقوله: ( "وكان في قلبه ما يزن شعيرة وذرة وبرة " ) قال الداودي: يعني من اليقين مع كلمة الإخلاص، وهذا على التقليل، وكلمة الإخلاص لو جعلت السماوات والأرض وما بينهما في كفة، وجعلت لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت لا إله إلا الله، غير أنه لا يقبل من أحد إلا مع الإقرار بكتاب الله تعالى وملائكته وأنبيائه ورسله وبالبعث وبالجنة والنار.

[ ص: 273 ] فصل:

وقوله: وكان عرشه على الماء [ هود: 7 ]. قال سعيد بن جبير: سألت ابن عباس - رضي الله عنهما - : على أي شيء كان الماء ولم تخلق سماء ولا أرض؟ فقال: على متن الريح.

وقوله: ( "وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع" ) هذا يدل على أن اليدين صفتان لله تعالى ثابتتان له كما سلف خلافا لما يقول أبو المعالي: أن حمل اليدين على القدرة.

ومعنى: وبيده الميزان أنه قدر الأشياء ووقتها وحددها، ولا يملك أحد نفعا ولا ضرا إلا منه تعالى; قاله الداودي، وقال الخطابي: الميزان هنا مثل، وإنما هو قسمه بالعدل بين الخلق، يخفض من يشاء أي: يضعه، ويرفع من يشاء، ويعبر كما قد ( صنعه الواضعون ) عند الوزن يرفع مرة ويخفض أخرى.

فصل:

"وتكون السماء بيده". أي: بقوته، وقيل: هي صفة لله تعالى، وقد سلف.

[ ص: 274 ] والنواجذ: أقصى الأسنان، وهي سن الحلم أو الضواحك أو الأضراس عن الأصمعي، أو الأنياب عن أبي العباس أقوال.

فصل:

وقراءته - عليه السلام - : وما قدروا الله حق قدره [ الزمر: 67 ]

قال ابن فورك: كالمتعجب منه أنه يستعظم ذلك في قدرة الله، فإن ذلك يسير في جنب ما يقدر عليه، ولذلك قرأها أي: ليس قدرته في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم، ويحيط به الحد والبصر.

وقال الخطابي: الآية محتملة للرضا والإنكار وليس فيها للأصبع ذكر، وقول من قال من الرواة: تصديق لقول ( الحبر ). ظن وحسبان.

قال: وروى هذا الحديث غير واحد من أصحاب عبد الله، ولم يذكروا فيه تصديقا له، وقد يستدل المستدل بحمرة الوجه على الخجل وبصفرته على الوجل وذلك غالب تجري العادة في مثله، ولا يخلو ذلك من ارتياب وشك في صدق الشهادة منهم بذلك، لجواز أن تكون الحمرة لأمر حادث في البدن والصفرة تهيج مرار وثوران خلط، والاستدلال بالتبسم على مثل هذا الاسم الجسم قدره غير سائغ مع تكافؤ ( وجهي ) الدلالة المتعارضين فيه، ولو صح الخبر حملناه على تأويل قوله تعالى: والسماوات مطويات بيمينه [ الزمر: 67 ] أي: قدرته على طيها وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئا [ ص: 275 ] في كفه فاستخف حمله فلم يشتمل بجميع كفه عليه لكنه نقله ببعض أصابعه، وقد يمثل ذلك في الأمر الشاق القوي، فيقال: إنه نقله بأصبع واحدة وأنه نقله بخنصره.

فصل:

راوي حديث عبد الله - رضي الله عنه - عنه هو: عبيدة بن عمرو أبو عمرو أوأبو مسلم المرادي السلماني - بسكون اللام - اتفقا عليه، أسلم قبل وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، وسمع عمر وعليا وابن مسعود، مات سنة أربع وستين، وقيل: ثنتين وسبعين. وقيل: ثلاث وسبعون، أما عبيدة بن حميد الضبي، وعبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي هريرة من أفراد مسلم وكلهم بفتح العين وكسر الباء، و ( ما ) عداهم في الصحيحين فبضم العين وفتح الباء، وقد سلف التنبيه على ذلك في المقدمات أول الكتاب.

التالي السابق


الخدمات العلمية