التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
674 [ ص: 565 ] 63 - [باب: الإيجاز في الصلاة وإكمالها]

706 - حدثنا أبو معمر قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا عبد العزيز، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجز الصلاة ويكملها. [708 - مسلم: 469 - فتح: 2 \ 201]


ذكر فيه أحاديث:

أحدها:

حديث الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء".

والكلام عليه من وجهين:

أحدهما: هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي أيضا. وادعى الطرقي أن قوله: "وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء"، أن الأعرج زادها دون همام وغيره، لكن أخرجها مسلم من رواية همام فاعلمه. وفي بعض الروايات: الصغير. وفي بعضها: المريض. وفي أبي داود: والشيخ الكبير.

ثانيهما: فيه دليل على أن أئمة الجماعة يلزمهم التخفيف لأمر الشارع لهم بذلك وبين في الحديث العلة الموجبة له وهي غير مأمونة على أحد من أئمة الجماعة؛ لأنه وإن علم قوة من خلفه فلا يدري [ ص: 566 ] ما يحدث بعد من الآفات، ولذلك قال: "وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء"؛ لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره. وقد ذكر الرب جل جلاله الأعذار التي من أجلها أسقط فرض قيام الليل عن عباده فقال: علم أن سيكون منكم مرضى [المزمل: 20].

فينبغي للإمام التخفيف مع إكمال الأركان. ألا ترى أنه - عليه السلام - قال للذي لم يتم ركوعه ولا سجوده.: "ارجع فصل فإنك لم تصل".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل ظهره في الركوع والسجود".

وممن كان يخفف الصلاة من السلف أنس بن مالك. قال ثابت: صليت معه العتمة فتجوز ما شاء الله. وكان سعد إذا صلى في المسجد خفف الركوع والسجود وتجوز، وإذا صلى في بيته أطال الركوع والسجود والصلاة، فقلت له، فقال: إنا أئمة يقتدى بنا.

[ ص: 567 ] وصلى الزبير بن العوام صلاة خفيفة، فقيل له: أنتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخف الناس صلاة؟! فقال: إنا نبادر هذا الوسواس.

وقال عمار: احذفوا هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان.

وكان أبو هريرة يتم الركوع والسجود ويتجوز، فقيل له: هكذا كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم وأجوز.

وقال عمرو بن ميمون: لما طعن عمر تقدم عبد الرحمن بن عوف فقرأ بأخصر سورتين في القرآن: إنا أعطيناك الكوثر [الكوثر: 1]. إذا جاء نصر الله [النصر: 1]. وكان إبراهيم يخفف الصلاة ويتم الركوع والسجود.

وقال أبو مجلز: كانوا يتمون ويوجزون ويبادرون الوسوسة. ذكر هذه الآثار ابن أبي شيبة في "مصنفه".

الحديث الثاني:

حديث شعبة قال: ثنا محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله قال: أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل، فوافق معاذا يصلي، فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة - أو النساء - فانطلق الرجل، وبلغه أن معاذا نال منه، فذكر الحديث. وفي آخره: "وذو الحاجة". أحسب هذا في الحديث.

ثم قال: تابعه - يعني شعبة - سعيد بن مسروق، ومسعر، والشيباني.

قال عمرو، وعبيد الله بن مقسم، وأبو الزبير، عن جابر: قرأ معاذ في العشاء بالبقرة. وتابعه الأعمش، عن محارب.

[ ص: 568 ] هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا، ومتابعة مسعر أخرجها السراج في "مسنده" عن أبي نعيم عنه.

ومتابعة عبيد الله بن مقسم أخرجها أبو داود وصححه ابن خزيمة، ومتابعة أبي الزبير أخرجها مسلم والنسائي وابن ماجه أيضا وفيه: فقرأ بالبقرة من غير شك. ومتابعة الأعمش أخرجها النسائي من حديثه عن محارب وأبي صالح ذكوان عن جابر.

وقال الدارقطني في حديث أبي صالح: هذا المرسل أصح. أي: عن معاذ بإسقاط جابر. وجنوح الليل: إقباله. و (الناضح): البعير الذي يستقى عليه الماء، والأنثى: ناضحة.

وقوله: (فلولا صليت). أي: فهلا. وفقهه سلف.

الحديث الثالث: حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجز الصلاة ويكملها.

وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي أيضا وفقهه أجمع سلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية