التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
678 710 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه".

وقال موسى: حدثنا أبان، حدثنا قتادة، حدثنا أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.

[انظر: 709 - مسلم: 470 - فتح: 2 \ 202]


ذكر فيه حديثين:

أحدهما:

حديث أبي قتادة، من طريق الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

[ ص: 572 ] "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه".

هذا الحديث يأتي أيضا قريبا، وأخرجه مسلم أيضا، ثم قال البخاري: تابعه بشر بن بكر، وبقية، وابن المبارك، عن الأوزاعي.

قلت: طريق بشر أخرجها البخاري بعد مسندة، وطريق بقية لا يحضرني من خرجها. وطريق ابن المبارك أخرجها النسائي عن سويد بن نصر عنه.

قلت: وتابعه أيضا عمر بن عبد الواحد أخرجه أبو داود، وإسماعيل بن عبد الله بن سماعة، أخرجه الإسماعيلي.

الحديث الثاني:

حديث أنس من طريق شريك بن عبد الله: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه.

[ ص: 573 ] ثم ساقه من حديث قتادة أن أنسا حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه".

ثم ذكره من حديث قتادة عن أنس أيضا. والحديث أخرجه مسلم أيضا.

ثم قال البخاري: وقال موسى: ثنا أبان، ثنا قتادة، ثنا أنس مثله.

وطريق موسى هو ابن إسماعيل أخرجها السراج في "مسنده" عن عبيد الله بن جرير بن جبلة عنه، ورواه الترمذي من حديث حميد عن أنس، وقال: حسن صحيح.

إذا تقرر ذلك فالمراد بالتجوز: تقليل القراءة. ففي "صحيح مسلم" كان يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة.

وفي ابن أبي شيبة من حديث ابن سابط أنه - عليه السلام - قرأ في الركعة الأولى بسورة نحوا من ستين آية، فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية بثلاث آيات.

و (الوجد) بفتح الواو: الحزن. قال صاحب "المطالع": من موجدة أمه، أي: من حبها إياه وحزنها لبكائه. وروي "من وجد أمه": بفتح الجيم. وقال صاحب "المحكم": وجد الرجل وجدا ووجدا كلاهما [ ص: 574 ] عن اللحياني: حزن. قلت: ومضارعه يجد - كما قال ثعلب - وحكى القزاز عن الفراء: يجد.

وأما أحكام الباب فهو ظاهر لما ترجم له.

وفيه مع ذلك جواز إدخال الصبيان المساجد، وصلاة النساء مع الرجال في المساجد، والرفق بالمأموم وسائر الأتباع ومراعاة مصلحتهم، وأن لا يدخل عليهم ما يشق عليهم.

واستدل به بعضهم على انتظار الإمام إذا أحس بداخل وهو راكع. ووجه ذلك أنه إذا جاز له حذف طولها للحاجة في بعض أمور الدنيا فالأخرى أولى بحيازة فضيلة الركعة، وقد نفرق - كما قال القرطبي - بأن هذا زيادة عمل في الصلاة بخلاف الحذف. وفي هذه المسألة خلاف منتشر للسلف، أجازه الشعبي والحسن وابن أبي ليلى، وقيده أحمد وإسحاق وأبو ثور بما إذا لم يشق على أصحابه. ومنعه الأوزاعي وأبو حنيفة؛ لأنه يضر بمن خلفه.

وقال سحنون: صلاتهم باطلة.

ونقل ابن بطال وابن التين عن الشافعي عدم الانتظار. واعترض عليهما شيخنا في "شرحه"، وقال: المنقول عن الشافعي الجواز، قلت: عنه خلاف كما بسطته في شروح الفروع بشروط لذلك، ليس هذا محله.

التالي السابق


الخدمات العلمية