التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
684 [ ص: 587 ] 70 - باب: إذا بكى الإمام في صلاته

وقال عبد الله بن شداد: سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف يقرأ: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله [يوسف: 86].

716 - حدثنا إسماعيل قال: حدثنا مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه: " مروا أبا بكر يصلي بالناس". قالت عائشة: قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل. فقال: "مروا أبا بكر فليصل للناس". قالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس. ففعلت حفصة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مه، إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس". قالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا. [انظر: 198 - مسلم: 418 - فتح: 2 \ 206]


وهذا الأثر أسنده البيهقي من حديث علقمة بن وقاص قال: كان عمر بن الخطاب يقرأ في العتمة بسورة يوسف وأنا في مؤخر الصف، حتى إذا جاء ذكر يوسف سمعت نشيجه من مؤخر الصف.

[ ص: 588 ] وعند ابن المنذر فيما حكاه عنه ابن التين عن عبيد بن عمير قال: صلى عمر الفجر فافتتح يوسف فقرأ: وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم [يوسف: 84]، فبكى حتى انقطع ثم رجع.

قال ابن قرقول في "مطالعه": نشيج عمر: صوت معه ترديد - كما يردد الصبي بكاء في صدره - وهو بكاء فيه تحزن.

وقال الجوهري: نشج الباكي إذا غص بالبكاء في حلقه من غير انتحاب. وعبارة ابن الأثير: النشيج صوت معه توجع وبكاء، وأقوالهم بنحو ذلك.

ثم ذكر البخاري حديث عائشة أنه - عليه السلام - قال في مرضه: "مروا أبا بكر فليصل بالناس"... الحديث. وقد سلف في باب إنما جعل الإمام ليؤتم به. وهذا الحديث مع الأثر يدلان على جواز البكاء من خوف الله تعالى وخشيته، وقد أجازه العلماء فيما ذكره ابن بطال وابن التين.

ويدل له حديث عبد الله بن الشخير: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء. أخرجه أبو داود والنسائي وقال: لجوفه أزيز.

[ ص: 589 ] وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله قال أبي: لم يقل أحد من البكاء إلا يزيد، يعني: ابن أبي زياد.

وفي "علل الخلال" قال يحيى بن معين: قد روى حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ: إن لدينا أنكالا وجحيما [المزمل: 12]، فصعق. قال يحيى: وحمران وأخوه عبد الملك: ليسا [ ص: 590 ] بشيء.

واختلفوا في الأنين والتأوه. قال ابن المبارك: إذا كان غالبا فلا بأس به. وعند أبي حنيفة: إذا ارتفع تأوهه أو بكاؤه، فإن كان من ذكر الجنة والنار لم يقطعها، وإن كان من وجع أو مصيبة قطعها.

وعن الشافعي وأبي ثور: لا بأس به إلا أن يكون كلاما مفهوما.

وعن الشعبي والنخعي: يعيد صلاته.

وقال أشهب عن مالك: قرأ عمر بن عبد العزيز في الصلاة فلما بلغ: فأنذرتكم نارا تلظى [الليل: 14] خنقته العبرة فسلم، ثم قرأ فنابه ذلك، ثم قرأ فنابه ذلك فتركها وقرأ: والسماء والطارق [الطارق: 1].

التالي السابق


الخدمات العلمية