التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
774 [ ص: 212 ] 130 - باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

807 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثني بكر بن مضر، عن جعفر، عن ابن هرمز، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه. وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة نحوه [انظر: 390 - مسلم: 495 - فتح: 2 \ 294]


ذكر حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة في التفريج، وقد سلف في باب: يبدي ضبعيه في أوائل الصلاة واضحا بفقهه.

وهي صفة مستحبة عند العلماء، ومن تركها لم تبطل صلاته. وقد اختلف السلف في ذلك فممن روي عنه المجافاة في السجود: علي والبراء وابن مسعود وأبو سعيد الخدري وابن عمر، وقال الحسن: حدثني أحمر صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن كنا لنأوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يجافي بمرفقيه عن جنبيه. وفعله الحسن.

وقال النخعي: إذا سجد فليفرج بين فخذيه .

وممن رخص أن يعتمد بمرفقيه:

قال ابن مسعود: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى [ ص: 213 ] بالمرافق، وأجاز ابن سيرين أن يعتمد بمرفقيه على ركبتيه في سجوده، وقال نافع: كان ابن عمر يضم يديه إلى جنبيه إذا سجد، وسأله رجل: هل يضع مرفقيه على فخذيه في سجوده؟ قال: أسجد كيف تيسر عليك، وقال أشعث بن أبي الشعثاء عن قيس بن سكن: كل ذلك كانوا يفعلون ينضمون ويتجافون كان بعضهم ينضم وبعضهم يجافي، وروى ابن عيينة عن سمي عن النعمان بن أبي عياش قال: شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإرغام والاعتماد في الصلاة، فرخص لهم أن يستعين الرجل بمرفقيه على ركبتيه أو فخذيه. ذكر هذا كله ابن أبي شيبة في "مصنفه" .

وإنما كان يجافي - صلى الله عليه وسلم - سجوده ويفرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه -والله أعلم- ليخف على الأرض ولا يثقل عليها، كما ذكر أبو عبيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: خفوا على الأرض. قال أبو عبيد: وجهه أنه يريد ذلك في السجود، يقول: لا ترسل نفسك على الأرض إرسالا ثقيلا فيؤثر في جبهتك، ويبين ذلك حديث مجاهد أن حبيب بن أبي ثابت سأله قال: إني أخشى أن يؤثر السجود في جبهتي، قال: إذا سجدت فتجاف. يعني: خفف نفسك وجبهتك على الأرض. وبعض الناس يقولون: فتجاف. والمحفوظ عندي بالحاء .

وقد ذكر ابن أبي شيبة من كره ذلك ومن رخص فيه:

ذكر عن ابن عمر أنه رأى رجلا قد أثر السجود في جبهته فقال:

لا يشينن أحدكم وجهه، وكرهه سعد بن أبي وقاص وأبو الدرداء والشعبي وعطاء.

[ ص: 214 ] وممن رخص في ذلك: قال أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت سجدة أعظم من سجدة ابن الزبير، ورأيت أصحاب علي وأصحاب عبد الله وآثار السجود في جباههم وأنوفهم.

وقال الحسن: رأيت ما يلي الأرض من عامر بن عبد فيجس مثل ثفن البعير .

وقد أسلفنا في الباب قبله أقوال المفسرين في قوله تعالى:

سيماهم في وجوههم من أثر السجود [الفتح: 29] فراجعها، وعن مالك: أنه ما يعلق بالجبهة من أثر الأرض ، وهذا يشبه الرخصة في هذا الباب.

التالي السابق


الخدمات العلمية