التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
788 [ ص: 240 ] 141 - باب: لا يفترش ذراعيه في السجود

وقال أبو حميد: سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضع يديه غير مفترش ولا قابضهما.

822 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب". [انظر: 532 - مسلم: 493 - فتح: 2 \ 301]


ثم ذكر حديث قتادة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب".

الشرح:

أما الحديث فهو قطعة من حديث طويل، وأما الثاني فأخرجه مسلم والأربعة ، وفي حديث معاذ، عن شعبة عند أبي نعيم عن قتادة، سمعت أنسا. وفي الترمذي -محسنا- من حديث جابر: "لا يفترش ذراعيه افتراش الكلب" ، وفي مسلم من حديث عائشة: نهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع . وفي ابن خزيمة من حديث أبي هريرة: "إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه" ، وفي [ ص: 241 ] مسلم من حديث البراء: "إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك" . وفي "المستدرك" مصححا من حديث عبد الرحمن بن شبل: نهي عن افتراش السبع .

فإن قلت: يعارض ذلك حديث أبي هريرة في ابن خزيمة و"المستدرك" مصححا على شرط مسلم: شكى أصحاب رسول الله مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال: "استعينوا بالركب" وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيا .

قلت: قال أبو داود: كان هذا رخصة . وذكره الترمذي في باب: ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود، واستغربه .

وقال ابن سيرين : وسئل: الرجل يعتمد بمرفقيه على ركبتيه؟ قال: ما أعلم به بأسا .

وكان ابن عمر يضع يديه إلى جنبيه إذا سجد .

[ ص: 242 ] وقال قيس بن سكن: كل ذلك قد كانوا يفعلون، ينضمون ويتجافون، وقد سلفا. وسئل ابن عمر: أضع مرفقي على فخذي إذا سجدت؟ فقال: اسجد كيف تيسر عليك . وأسانيدها جيدة.

وفي "الأوسط" من حديث أبي هريرة: نهى أن أقعي إقعاء القرد ، وفي ابن ماجه من حديث علي: "لا تقع بين السجدتين" ، وفي لفظ: "لا تقع إقعاء الكلب" ، وفي رواية له -ضعيفة- عن أنس: "إذا رفعت رأسك من الركوع فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع إليتيك بين قدميك والزق ظاهر قدميك بالأرض" .

وفي البيهقي من حديث سمرة: نهي عن الإقعاء وللحاكم: أمرنا أن نعتدل في السجود ولا نستوفز .

وترجم الترمذي الرخصة في الإقعاء فذكر حديث ابن عباس: الإقعاء على القدمين من سنة نبيكم، وحسنه ، وهو عند مسلم ، وفي "مشكل الطحاوي" عن عطية العوفي: رأيت العبادلة: ابن عباس،

[ ص: 243 ] وابن عمر، وابن الزبير يقعون في الصلاة ويراهم الصحابة فلا ينكرونه ، وعند الخلال: عن ابن مسعود قال: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى تسجدوا على المرافق. وقد سلف. وقال أحمد: تركه الناس.

افتراش السبع لا شك في كراهته واستحباب نقيضها، وهو التجنح الثابت في حديث ميمونة وغيره، والحكمة في ذلك أنه إذا جنح كان اعتماده على يديه، فيجب اعتماده على وجهه فلا يتأذى بملاقاة الأرض ولا يتشوش في الصلاة، بخلاف ما إذا بسط يديه؛ فإن اعتماده يكون على وجهه فيتأذى ولا يبدو وضح إبطيه كما كان يبدو من الشارع.

وأما أثر ابن عباس السالف فلعله عند الازدحام؛ لأن المعروف عنه أن آدم بن علي صلى إلى جنبه فافترش ذراعيه، فقال: لا تفترش افتراش السبع وادعم على راحتيك وابد ضبعيك، فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك ؛ فروي عنه الوجهان فيؤنس الأول.

[ ص: 244 ] ولا إعادة عند جميع العلماء على تارك ذلك لاختلاف السلف فيه كما مر.

واختلف أصحابنا في تفسير الإقعاء المنهي عنه على ثلاثة أوجه:

أصحها: أن يجلس على وركيه ناصبا ركبتيه، وضم إليه أبو عبيد: أن يضع يديه على الأرض.

وثانيها: أن يفرش رجليه ويضع إليتيه على عقبيه.

وثالثها: أن يضع يديه على الأرض ويقعد على أطراف أصابعه، والصواب هو الأول والباقي غلط، وقد ثبت في "صحيح مسلم" أن الإقعاء سنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام . وفسره العلماء مما قاله الثاني ونص على استحبابه إمامنا في البويطي والإملاء في الجلوس بين السجدتين .

والإقعاء ضربان: مكروه، وهو الأول، وغيره الثاني. وكذا بينه البيهقي في "سننه"، ثم قال: وأما حديث النهي عن عقبة الشيطان، فيحتمل أن يكون واردا في الجلوس في التشهد الأخير؛ فلا منافاة .

[ ص: 245 ] وأغرب الجويني في "التبصرة" فقال: لا يجوز الإقعاء في الجلوس بين السجدتين إقعاء الكلب، قال: وهو أن يجلس على قدميه، وهما منتصبتان .

التالي السابق


الخدمات العلمية