التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
864 [ ص: 485 ] 17 – باب: إذا اشتد الحر يوم الجمعه

906 - حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثنا حرمي بن عمارة قال: حدثنا أبو خلدة -هو: خالد بن دينار- قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني: الجمعة. قال يونس بن بكير: أخبرنا أبو خلدة فقال: بالصلاة، ولم يذكر الجمعة. وقال بشر بن ثابت: حدثنا أبو خلدة قال: صلى بنا أمير الجمعة ثم قال لأنس - رضي الله عنه -: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر؟ [فتح: 2 \ 388]


ذكر فيه حديث حرمي بن عمارة عن أبي خلدة خالد بن دينار: سمعت أنسا يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة. يعني: الجمعة. وقال يونس بن بكير: أخبرنا أبو خلدة فقال: بالصلاة، ولم يذكر الجمعة. وقال بشر بن ثابت: ثنا أبو خلدة قال: صلى بنا أمير الجمعة ثم قال لأنس - رضي الله عنه -: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر؟

الشرح:

هذا الحديث انفرد به عن مسلم، وأخرجه النسائي وفي رواية أن الحكم بن أيوب أخر صلاة الجمعة، فتكلم يزيد الضبي، ونادى أنس بن مالك: يا أبا حمزة، شهدت الصلاة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدت الصلاة معنا، فكيف كان يصلي؟ الحديث.

وأخرجه الإسماعيلي كذلك بلفظ: "الصلاة" فقط. ثم أسند تعليق يونس عن أبي الحسن الصوفي: ثنا أبو هشام عن يونس بلفظ: إذا [ ص: 486 ] كان الحر أبرد بالصلاة، وإذا كان البرد بكر بها. يعني: الظهر.

وأسنده البيهقي أيضا من حديث عبيد بن يعيش عنه بلفظ الصلاة فقط. ثم أسند تعليق بشر بن ثابت -أعني: الإسماعيلي- من حديث إبراهيم بن مرزوق، عن بشر، عنه، عن أنس بلفظ: إذا كان الشتاء يبكر بالظهر، وإذا كان الصيف أبرد بها، ولكن يصلي العصر والشمس بيضاء نقية. وأخرجه البيهقي أيضا.

وأبو خلدة (خ. د. ت. س) بإسكان اللام، ثقة مأمون، روى له البخاري هذا الحديث الواحد، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. ذكره ابن نافع، وذكر عبد الغني في "الكمال" أن أحمد بن حنبل قال: شيخ ثقة. وهذا إنما قاله في خالد بن دينار أبي الوليد فاعلمه.

وروى له ابن ماجه والبخاري في "أفعال العباد" وبشر بن ثابت بصري بزار ثقة، ذكره ابن حبان في "ثقاته". وقال أبو حاتم: مجهول، ويونس بن بكير الكوفي الجمال احتج به مسلم، مات مع [ ص: 487 ] عبد الله بن نمير سنة تسع وتسعين ومائة.

وهذا الباب في معنى الذي قبله: أن وقتها وقت الظهر، وأنها تصلى بعد الزوال، ويبرد بها في شدة الحر، ولا يكون الإبراد إلا بعد تمكين الوقت، والإبراد بها وجه قوي، وإن كان المشهور في المذهب خلافه.

وقد أسلفنا في الباب قبله بأن الأحاديث السالفة محمولة على المبالغة في التعجيل من غير إبراد ولا غيره.

وقال ابن قدامة في "المغني": لا فرق في استحباب إقامتها عقب الزوال بين شدة الحر وبين غيره، فإن الجمعة يجتمع لها الناس، فإذا انتظروا غيرهم شق عليهم، وكذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يصليها إذا زالت الشمس شتاء وصيفا على ميقات واحد.

التالي السابق


الخدمات العلمية