التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
905 [ ص: 46 ] 6 - باب: التبكير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب.

947 - حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد، عن عبد العزيز بن صهيب وثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح بغلس ثم ركب فقال: " الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فخرجوا يسعون في السكك ويقولون: محمد والخميس - قال: والخميس الجيش - فظهر عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتل المقاتلة وسبى الذراري، فصارت صفية لدحية الكلبي، وصارت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تزوجها وجعل صداقها عتقها. فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنسا ما أمهرها ؟ قال: أمهرها نفسها. فتبسم. [انظر: 371 - مسلم: 1365 - فتح: 2 \ 438]


ذكر فيه حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح بغلس.. الحديث.

وقد سلف في باب: ما يذكر في الفخذ، وسيأتي في المغازي أيضا، وأخرج قطعة منه في البيوع، وهو مشتمل على صلاته بغلس ونزوله بخيبر وعتق صفية.

و ( الغلس ): بقايا ظلام الليل، وكان نزوله بها ليلا فصلى الصبح بغلس ثم ركب. وفيه: التكبير شكرا لله تعالى عندما يرى الإنسان ما يسر به كبلده، وكذا لولادة الغلام، ورؤية الهلال ; لأنه إعلام بما ظهر، ورفع الصوت به إظهارا لعلو دين الله وظهور أمره.

فإن قلت: ثواب العتق معلوم، فكيف فوته وفعله في مقابلة النكاح ؟

[ ص: 47 ] فالجواب: أن صفية كانت بنت ملك، ومثلها لا تقنع بالمهر إلا بالكثير، فلم يكن بيده ما يرضيها ولم ير أن يقصر بها، فجعل صداقها نفسها، وذلك عندها أشرف من الأموال الكثيرة.

وقوله: ( ما مهرها ؟ ) قال: أمهرها نفسها. قال شيخنا قطب الدين: صوابه: مهرها. يعني: بحذف الألف، وبخط الحافظ الدمياطي، يقال: مهرت المرأة وأمهرتها: أعطيتها الصداق. وأنكر أبو حاتم: أمهرت. إلا في لغة ضعيفة.

قال: وهذا الحديث يرد عليه، وصححها أبو زيد، وقال: تميم تقول: مهرت.

وكذا قال ابن التين: يقال: مهرت المرأة وأمهرتها، وقيل: مهرتها، ثلاثي أفصح وأغرب. والتغليس بالصبح سنة سفرا وحضرا وكان من عادته ذلك، ولم يخالف ذلك إلا يوم الأعرابي الذي سأله عن المواقيت لأجل التعليم.

وقوله: ( "إنا إذا نزلنا بساحة قوم" ) يريد: أنهم تقدم إليهم الإنذار فعتوا، فنزل بساحتهم نزول الانتقام منهم والإذلال لهم، يقول: إذا حللنا مع قوم في ديارهم غلبناهم.

قال ابن التين: والساحة: الموضع. وقيل: ساحة الدور.

وقوله: ( "فساء صباح المنذرين" ) أي: أصابهم السوء من القتل على الكفر والاسترقاق.

[ ص: 48 ] وقوله: ( جعل صداقها عتقها ) قد أسلفنا أن هذا من خواصه، وحكاه ابن التين عن مالك، ثم قال: وعند الشافعي: لا. وهذا نقل غريب عن الشافعي، ولعله تبع الترمذي فيه، وليس فيه ذكر الدعوة إلى الإسلام قبل القتال، وإن كان يحتمل وقوعه وعدم نقله لكنه بعيد.

[ ص: 49 ] 13

كتاب العيدين

[ ص: 50 ] [ ص: 51 ] [بسم الله الرحمن الرحيم

التالي السابق


الخدمات العلمية