التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
918 961 - وعن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فبدأ بالصلاة، ثم خطب الناس بعد، فلما فرغ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نزل فأتى النساء، فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه، يلقي فيه النساء صدقة. قلت لعطاء: أترى حقا على الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ ؟ قال: إن ذلك لحق عليهم، وما لهم أن لا يفعلوا. [انظر: 958 - مسلم: 885 - فتح: 2 \ 451]


ذكر فيه حديث ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الأضحى والفطر، ثم يخطب بعد الصلاة. ولا يطابق التبويب، وأول من أحدث الأذان في العيد معاوية أو زياد، وهو الأشبه عند القرطبي، أو [ ص: 90 ] هشام أو مروان، قاله الداودي: أو عبد الله بن الزبير.

وذكره ابن المنذر في "الإشراف"، وحكاه ابن التين عن أبي قلابة أقوال.

وقال الشعبي والحكم وابن سيرين: الأذان لهما بدعة، وينادى فيهما: الصلاة جامعة.

وأما المشي إلى العيد ففي الترمذي عن علي: من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا. ولابن ماجه من حديث جماعة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إليه ماشيا. وكذا قاله عمر بن عبد العزيز، وفعله عمر، وكان إبراهيم يكره الركوب إليهما، وأتى الحسن العيد راكبا.

ثم ذكر البخاري في الباب أيضا حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة.. الحديث بطوله.

وأخرجه مسلم أيضا ولا يطابق التبويب.

قال الترمذي: والعمل عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم أنه [ ص: 91 ] لا يؤذن لهما ولا لشيء من النوافل.

وفيه من الفوائد: الابتداء بالصلاة قبل الخطبة، والخطبة على مرتفع، وإليه يشير قوله: فلما فرغ نزل. وأن النساء: يحضرن العيد، والأمر لهن بالصدقة.

وقوله: ( وما لهم أن لا يفعلوا ؟ ) يريد بذلك التأسي لهم، قال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [الأحزاب: 21] وفي أبي داود، وهي من حديث ابن عباس - لا جابر - أن ما تصدقن به قسمه بين فقراء المسلمين.

وحاصل مسائل الباب ثلاثة:

أحدها: المشي إلى العيد ; لأنه من التواضع، والركوب مباح، وممن استحب عدم الركوب الأربعة والثوري وجماعة، وقال مالك: إنما نجيء نمشي ومكاننا قريب، ومن بعد ذلك عليه فلا بأس أن يركب. وكان الحسن يأتي العيد راكبا.

وكره النخعي الركوب في العيدين والجمعة.

ثانيها: الصلاة قبل الخطبة، وهو إجماع من العلماء قديما وحديثا [ ص: 92 ] إلا ما كان من بني أمية من تقديم الخطبة، وقد تقدم ذلك، وروي عن ابن الزبير مثله.

ثالثها: أن سنة صلاة العيد أن لا يؤذن لها ولا يقام، وهو قول جماعة الفقهاء بل هو بدعة لما سلف.

وقال عطاء: سأل ابن الزبير ابن عباس، وكان الذي بينهما حسن، فقال: لا يؤذن ولا يقيم، فلما ساء ما بينهما أذن وأقام.

وقوله: ( أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له إنه لم يكن يؤذن بالصلاة يوم الفطر، إنما الخطبة بعد الصلاة ).

سبب إرساله بما ذكر ; ليبين أنه خشي أن يفعل ابن الزبير ذلك، وهذا لا خلاف فيه بين فقهاء الأمصار ولا في الصدر الأول.

وفي الحديث شهود النساء صلاة العيد والتوكؤ على يد بعض أصحابه، وفضل بلال، ولعله خص به ; لأنه الذي يؤذنه لصلاة المكتوبة، ويحمل العنزة بين يديه.

وفيه: الأمر بالصدقة للنساء، وخصهن بذلك في قول بعض العلماء ; لقوله: "رأيتكن أكثر أهل النار" واحتج بهذا الحديث لوجوب زكاة [ ص: 93 ] الحلي، وهو قول أبي حنيفة، واحتج به في تقديم الزكاة لأنه لم يسألهن: هل وجبت أم لا ؟ وفيهما نظر، وكذا من أخذ منه جواز فعل البكر وذات الزوج في أكثر من ثلثها، وقول عطاء: ذلك حق على الإمام ; لقوله تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [الأحزاب :21].

التالي السابق


الخدمات العلمية