التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
975 [ ص: 254 ] باب: الدعاء إذا كثر المطر

[ 1021 - حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا معتمر، عن عبيد الله، عن ثابت، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم جمعة، فقام الناس فصاحوا فقالوا: يا رسول الله، قحط المطر واحمرت الشجر، وهلكت البهائم، فادع الله يسقينا. فقال: "اللهم اسقنا". مرتين، وايم الله ما نرى في السماء قزعة من سحاب، فنشأت سحابة وأمطرت، ونزل عن المنبر فصلى، فلما انصرف لم تزل تمطر إلى الجمعة التي تليها، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب صاحوا إليه: تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، فادع الله يحبسها عنا. فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا". فكشطت المدينة، فجعلت تمطر حولها ولا تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل. [انظر: 932 - مسلم: 897 - فتح: 2 \ 512] ]


وساقه من حديث ثابت عن أنس.

وفيه: ( واحمرت الشجر ) أي: سقط ورقها من الجدب.

وفيه: ( وايم الله ) اختلف النحويون في ألف أيمن، هل هي وصل أم قطع ؟ وليس هذا موضعه.

وقوله: ( فنشأت سحابة ) أي: طلعت وابتدأت وانتشرت.

وقوله: ( وأمطرت ). قال الداودي: جعل الفعل لها كما يقال: مات زيد.

وقوله: ( صاحوا إليه ). قال ابن التين: إن كان هذا محفوظا، فقد يتكلم الرجل ثم يصيح الناس، فذكره أنس فنسيه الرواة ; لأن في [ ص: 255 ] حديث شريك وغيره: أن رجلا قال له. ويحتمل أن يعني بالناس: الرجل ; لأنه يتكلم عنهم وهم حضور سكوت، ولعلهم صاحوا أو تكلم عنهم استشفاعا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فوافق ذلك قول عمر: كنا نستشفع به.

قوله: ( وإنها لفي مثل الإكليل ) كل ما أحاط بشيء فهو إكليل، ومنه سمي الإكليل، وهي العصابة ; لإحاطتها بالجبين. وقيل: هي الروضة، وعبارة "الصحاح" و"المجمل" هو: شبه عصابة تزين بالجوهر، زاد الجوهري: ويسمى التاج إكليلا. وممن رواه عن أنس يحيى بن سعيد الأنصاري، ذكره البخاري في باب: رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء. معلقا. ورواه ( مع ) من حديث حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس.

وفي ذلك أن الإمام إذ سئل الخروج إلى الاستسقاء يجيب إليه ; لما فيه من الضراعة إلى الجليل في صلاح أحوال عباده، ثم هو يأمرهم بالتوبة، والخروج من المظالم، وإصلاح نياتهم، ويعظهم.

وكذلك إذا سئل الإمام ما فيه صلاح أحوال الرعية يجيبهم إليه أيضا ; لأنه راع ومسئول عن رعيته، فعليه حياطتهم، وإجابتهم إلى سؤالهم، وكان من شأنه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يرد حاجة سائل، وفيما سلف استباحة اليمين لغير ضرورة للتأكيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية