التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1025 [ ص: 407 ] 8 - باب: من سجد لسجود القارئ

وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم - وهو غلام - فقرأ عليه سجدة، فقال: اسجد فإنك إمامنا.

1075 - حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله قال: حدثني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة فيها السجدة، فيسجد ونسجد، حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته. [1076، 1079 - مسلم: 575 - فتح: 2 \ 556]


ثم ذكر حديث ابن عمر: قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة فيها السجدة.. الحديث.

الشرح:

أما أثر ابن مسعود فأخرجه ابن أبي شيبة بنحوه: حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن سليم أبي إسحاق، عن سليم بن حنظلة قال: قرأت على عبد الله بن مسعود سورة بني إسرائيل، فلما بلغت السجدة قال عبد الله: اقرأها فإنك إمامنا فيها.

ورواه البيهقي من حديث سفيان، عن أبي إسحاق، عن سليم بن الحنظلية قال: قرأت السجدة عند ابن مسعود فنظر إلي فقال: أنت إمامنا فاسجد نسجد معك.

و ( تميم ) هذا تابعي وعنه ابنه أبو الخير وغيره. روى له البخاري في [ ص: 408 ] "الأدب" خارج "الصحيح". و ( حذلم ) بالذال المعجمة وحاء مهملة.

وأما الحديث فأخرجه مسلم أيضا، ففي رواية: في غير الصلاة، وفي أخرى: في غير وقت الصلاة.

وأجمع فقهاء الأمصار أن التالي إذا سجد في تلاوته أن المستمع يسجد لسجوده. وقال عثمان: إنما السجدة على من سمعها.

واختلفوا إذا لم يسجد، وقد سلف في باب من قرأ السجدة ولم يسجد.

وفي "المدونة": كره مالك أن يجلس قوم إلى قارئ يستمعون قراءته ليسجدوا معه إن سجد، وأنكر ذلك إنكارا شديدا. قال: فأرى أن يقام وينهى، ولا يجلس إليه.

وقال ابن شعبان عنه: فإن لم ينته، وقرأ لهم فمر بسجدة يسجد ولم يسجدوا. وقد قال مالك أيضا: أرى أن يسجدوا معه.

قوله: ( فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضع جبهته ) فيه: الحرص على فعل الخير والتسابق إليه.

وفيه: لزوم متابعة أفعال الشارع على كمالها، ويحتمل أن يكون [ ص: 409 ] سجدوا عند ارتفاع الناس، وباشروا الأرض، ويحتمل أن يستجزئوا ببلوغ طاقتهم من الإيماء في ذلك.

وقال ابن التين: يلزم مستمع السجدة السجود بشروط خمسة:

أن يكون القارئ بالغا، وعلى وضوء، وسجد، وتكون قراءته لا يسمع الناس حسنها، والسامع ممن قصد الاستماع. قال: هذا يلزمه باتفاق.

واختلف إذا كان القارئ صبيا أو على غير وضوء، ولم يسجد، والأصح عند أصحابنا السجود.

وأقروا الخلاف عندنا في الكافر. قال: والأصل في إلزام المستمع السجود هذا الحديث.

التالي السابق


الخدمات العلمية