التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1098 [ ص: 116 ] 17 - باب: فضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار ، وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار

1149 - حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا أبو أسامة ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر : "يا بلال ، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام ، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة " . قال : ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي . قال أبو عبد الله : "دف نعليك " يعني : تحريك . [مسلم : 2458 - فتح: 3 \ 34]


ذكر فيه حديث أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عند صلاة الفجر : "يا بلال ، حدثني بأرجى عمل عملته . . " الحديث .

أخرجه النسائي ، كما نبه عليه ابن عساكر ، وأهمله الطرقي ، وذكر أبو مسعود والطرقي أن مسلما أخرجه في الفضائل ، وكذا ذكره الحميدي في المتفق عليه في مسند أبي هريرة .

واسم أبي أمامة : حماد بن أسامة . وأبو حيان اسمه : يحيى بن سعيد بن حيان التيمي . واسم أبي زرعة : هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله .

قوله : "بأرجى عمل عملته " أي : لأنه قد يعمل في السر ما لا يعلمه - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما رجى بلال ذلك لما علم أن الصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان .

وفيه : سؤال الصالحين عما يهديهم الله إليه من الأعمال المقتدى بهم فيها ويتمثل رجاء بركتها .

[ ص: 117 ] و "دف نعليك " بالفاء المشددة . أي : تحريك نعليك كما هو في بعض نسخ البخاري ، والدف : الحركة الخفيفة . -وهو بفتح الدال المهملة - وحكى أبو موسى المديني في "مغيثه " إعجامها . قال صاحب "العين " : دف الطائر ; إذا حرك جناحيه ، ورجلاه في الأرض . وقال ابن التين : دوي نعلك : حفيفهما ، وما يسمع من صوتهما ، والدف : السير السريع . وفي رواية ابن السكن : "دوي نعليك " -بضم الدال المهملة - وهو الصوت ، وعند الإسماعيلي : "حفيف نعليك " . وللحاكم : "خشخشتك أمامي " .

وقوله : ( "بين يدي في الجنة " ) أي : أنه رآه بموضع بين يديه ، كأن بلالا تقدمه .

وفي الحديث دليل على أن الله تعالى يعظم المجازاة على ما يسر به العبد بينه وبين ربه مما لا يطلع عليه أحد . وقد استحب ذلك العلماء -أعني : أعمال البر- ليدخرها ، ومن ذلك ما وقع لبلال ، فإنه لم يعلم به الشارع حتى أخبره .

وفيه : فضيلة الوضوء والصلاة عقبها ; لئلا يبقى الوضوء خاليا عن مقصوده ، وإنما فعل ذلك بلال ; لأنه علم أن الصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان كما سلف ، فلازم .

وقوله : (لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت ) . قد يستدل به من يرى أن كل صلاة لها سبب تصلى ، وإن كان وقت الكراهة ، والطهور هنا يحتمل الأمرين : الغسل والوضوء .

التالي السابق


الخدمات العلمية