التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1112 1171 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عمته عمرة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ح . وحدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير ، حدثنا يحيى -هو ابن سعيد - عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عمرة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح ، حتى إني لأقول : هل قرأ بأم الكتاب ؟! [انظر : 619 - مسلم : 724 - فتح: 3 \ 46]


ذكر فيه حديثين عن عائشة : أولهما :

كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين .

ثانيهما :

عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عمته عمرة ، عن عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح ، حتى إني لأقول : هل قرأ بأم الكتاب ؟!

وأخرجه مسلم أيضا . رواه عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري المدني عن عائشة محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن [ ص: 168 ] زرارة ، كذا ذكره البخاري وغيره ، وقيل : محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن سعد . وقيل : ابن أسعد .

قال المزي : هو ابن أخي عمرة بنت عبد الرحمن . قال : وهو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، قلت : فعلى هذا هو ابن ابن أخيها لا ابن أخيها ، بين ذلك الجياني ، فقال : محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة وسعد أخو أسعد . قاله يحيى القطان ، يروي عن عمته عمرة وغيرها ، ثم قال : هكذا أتى في هذا الحديث ، وإنما هي عمة أبيه ، فإنها عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة . وكذا قال أبو طاهر وابن عساكر : إنها عمة أبيه .

فمن قال : محمد بن عبد الرحمن بن سعد . فقد نسبه إلى جده لأبيه ، ومن قال : محمد بن عبد الرحمن بن أسعد فإلى جده لأمه ، وهذا روى عنه يحيى بن سعيد وشعبة وغيرهما ، كان واليا على المدينة زمن عمر بن عبد العزيز ، مات سنة أربع وعشرين ومائة ، وهو ثقة وله أحاديث ،

[ ص: 169 ] وذكر أبو مسعود أن محمد بن عبد الرحمن هذا هو أبو الرجال ، وأبو الرجال هو : محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان ، ويقال : ابن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاري النجاري ، لقب بأبي الرجال ; لأن له عشرة أولاد رجالا ، وجده حارثة بدري ، وسبب اشتباه ذلك على أبي مسعود أنه روى عن عمرة -وعمرة أمه- لكنه لم يرو عنها هذا الحديث ; ولأنه روى عنه يحيى بن سعيد وشعبة . وقد نبه على ذلك الخطيب فقال في حديث محمد بن عبد الرحمن ، عن عمته عمرة ، عن عائشة في الركعتين بعد الفجر من قال : في هذا الحديث عن شعبة ، عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن ، فقد وهم ; لأن شعبة لم يرو عن أبي الرجال شيئا ، وكذلك من قال : عن شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أمه عمرة .

وذكر الجياني أن محمد بن عبد الرحمن أربعة من تابعي أهل المدينة ، أسماؤهم متقاربة ، وطبقتهم واحدة ، وحديثهم مخرج في [ ص: 170 ] الكتابين .

والأول : (محمد ) بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر وأبي سلمة ، روى عنه يحيى بن أبي كثير ، وروى عن أمه عن عائشة ، وروى عنه يحيى الأنصاري ، وذكر ابن عساكر في حديث : "يقطع السارق " أن أبا مسعود الدمشقي ذكر أن يحيى بن أبي كثير رواه عن محمد بن عبد الرحمن -يعني : أبا الرجال- عن أمه عمرة عن عائشة . قال ابن عساكر : وذكر حديث يحيى عن محمد بن عبد الرحمن هذا ، هو ابن سعد بن زرارة ، لا عن أبي الرجال . قال : ورواه آخرون عن أبي إسماعيل القناد فقال : عن يحيى ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن عمرة .

والثاني : (محمد ) بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود يتيم عروة .

الثالث : (محمد ) بن عبد الرحمن يعني : ابن زرارة .

[ ص: 171 ] والرابع : (محمد ) بن عبد الرحمن أبو الرجال .

والمراد بالنداء الثاني ; لأن الأول للتأهب .

إذا تقرر ذلك :

فاختلف العلماء في القراءة في ركعتي الفجر على أربعة مذاهب ، حكاها الطحاوي :

أحدها : لا يقرأ فيهما .

ثانيها : يخفف ، يقرأ فيهما بأم القرآن خاصة ، روي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو مشهور مذهب مالك كما سلف قبيل باب الضجعة .

ثالثها : يخفف ، ولا بأس أن يقرأ مع أم القرآن سورة قصيرة ، رواه ابن القاسم عن مالك ، وهو قول الشافعي ، وروي عن إبراهيم النخعي ومجاهد أنه لا بأس أن يطيل القراءة فيهما ، ذكره ابن أبي شيبة .

رابعها : قال أبو حنيفة : ربما قرأت فيهما حزبي من القرآن ، وهو قول أصحابه ، واحتج لهم الطحاوي فقال : لما كانت ركعتا الفجر من أشرف التطوع ، كما سلف من أنهما خير من الدنيا وما فيها ، كان الأولى أن يفعل فيها أشرف ما يفعل في التطوع من إطالة القراءة فيهما ، وهو عندنا أفضل من التقصير ; لأنه من طول القنوت الذي فضله الشارع في التطوع على غيره .

[ ص: 172 ] ومن قال : لا قراءة فيهما . احتج بحديثي الباب ، وجوابه رواية شعبة عن محمد بن عبد الرحمن : سمعت عمتي عمرة تحدث عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى الفجر صلى ركعتين ، أقول يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ، فهذا خلاف أحاديث عائشة الأخرى ; لأنها أثبتت في هذا الحديث قراءة أم القرآن ، فذلك حجة على من نفاها ، وهو حجة أيضا لمن قال : يقرأ فيهما بأم القرآن خاصة ; لأنها مع الفجر من حيث الصورة كالرباعية ، ومن سنة الرباعية أن تكون ركعتان منها بأم القرآن ، وقد يجوز أن يقرأ فيهما بالفاتحة وغيرها ، وتخفف القراءة حتى يقال على التعجب من تخفيفه : هل يقرأ فيهما بالفاتحة ؟

وحجة من قال بسورة قصيرة معها ما رواه أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعا وعشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل صلاة الغداة ، وفي الركعتين بعد المغرب : قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .

وروى أبو وائل عن عبد الله مثله وقال : ما أحصي ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بذلك . وبه كان يأخذ ابن مسعود ، ذكره ابن أبي شيبة ، وقد روي مثله من حديث قتادة عن أنس ، ومن حديث جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ركعتي الفجر خاصة وهي على أبي حنيفة ، ومن جوز تطويل القراءة فيهما ; لأنه لم يحفظ عنه خلافها ، ولا قياس لأحد مع وجود السنة الثابتة ، وقد ذكر لابن سيرين قول النخعي فقال : ما أدري ما هذا ؟ وكان أصحاب ابن مسعود يأخذون في ذلك [ ص: 173 ] بحديث ابن عمر وبحديث ابن مسعود في تخفيف القراءة ، وتخفيفهما -والله أعلم- لمزاحمة الإقامة ; لأنه كان لا يصليهما في أكثر أحواله إلا حتى يأتيه المؤذن للإقامة ، وكان يغلس بصلاة الصبح .

فرع :

يستحب عندنا أيضا أن يقرأ فيهما بـ : قولوا آمنا بالله [البقرة : 136] و قل يا أهل الكتاب تعالوا [آل عمران : 64] ثبت في "الصحيح " من حديث ابن عباس وفيه أيضا من حديثه في الأولى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا . . الآية التي في البقرة ، وفي الآخرة منهما آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ، وروي أيضا أنه قرأ في الأولى : آمن الرسول [البقرة :285] وفي الثانية : قل يا أهل الكتاب [آل عمران :64] .

فائدة :

في قولها : (ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين ) ، ظاهره أنهما في بيتها ، وروى ابن حبيب : فعلهما في المسجد أحب إلي ; لأنهما من السنن التي ينبغي إظهارها ، ولذلك واظب الشارع عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية