التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1127 1182 - حدثنا مسدد قال : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعا قبل الظهر ، وركعتين قبل الغداة . تابعه ابن أبي عدي وعمرو عن شعبة . [مسلم : 730 - فتح: 3 \ 58]


ذكر فيه حديث ابن عمر :

حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعدها . الحديث

سلف قريبا في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ، وهو مطابق لما ترجم له . وحديث عائشة :

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر ، وركعتين قبل الغداة . فما زاد ، ولعل وجهه أنه صلى ركعتين فما زاد .

ثم قال البخاري : تابعه ابن أبي عدي وعمرو عن شعبة يعني أنهما تابعا يحيى بن سعيد على روايته عن شعبة . وابن أبي عدي : (ع ) هو [ ص: 196 ] محمد بن إبراهيم ، وعمرو (خ مقرونا ، د ) : هو ابن مرزوق أبو عثمان الباهلي مولاهم بصري . وتابعهما عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة ، أخرجه النسائي ، لكن بزيادة مسروق قبل عائشة ، ثم قال : ولم يتابع عليه . وتابعه محمد بن جعفر عن شعبة كالجماعة ، وصوب المنيعي إثبات مسروق ، ووهم إسقاطه .

قال الإسماعيلي : وقد ذكر سماع (ابن المنتشر ) عن عائشة غير واحد . فالعمل في ذلك على عثمان بن عمر فإن يحيى بن سعيد لم يكن ليحمل كذا إن شاء الله وقد جاء به غندر ووكيع وكفى بهما ، قال : وتابع يحيى ابن المبارك ومعاذ بن معاذ وابن أبي عدي ، ووهب بن جرير .

وفي الترمذي والنسائي من حديث المغيرة بن زياد عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- عن عائشة مرفوعا : "من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة : أربعا قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل الفجر " . قال الترمذي : حديث غريب من هذا الوجه . ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه . وقال النسائي : هذا خطأ ، ولعله [ ص: 197 ] أراد عنبسة بن أبي سفيان ، فصحف -يعني حديث عنبسة - عن أم حبيبة مرفوعا : "من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة : أربعا قبل الظهر . . . " الحديث .

ولمسلم من حديث عبد الله بن شقيق : سألت عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عن تطوعه ، فقالت : كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ، ثم يخرج فيصلي بالناس ، ثم يدخل فيصلي ركعتين . . الحديث .

وللترمذي : قبل الظهر ركعتين . وصححه . والأول هو المشهور من رواية عائشة .

وفي الترمذي من هذا الوجه : كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر ، صلاهن بعدها . ثم قال : حسن غريب .

واختلفت الأحاديث في التنفل قبل الظهر وبعدها . ففي حديث عائشة [ ص: 198 ] ما علمته ، وفي حديث ابن عمر المذكور في الباب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركع ركعتين قبلها ، وركعتين بعدها .

ولأبي داود من حديث البراء : ركعتين قبلها . واستغربه الترمذي وحسنه . ولا تخالف بينها ; لأن كل واحد أخبر بما رأى . وأجاب الداودي بأن ابن عمر قد ينسى بعض ذلك . وكان جماعة من السلف يفعلون ذلك .

وروي عن ابن مسعود وابن عمر ، والبراء ، وأبي أيوب أنهم كانوا يصلون قبل الظهر . وعن ابن المسيب مثله .

وقال إبراهيم : من السنة أربع قبل الظهر وركعتان بعدها سنة .

وصوب الطبري الروايتين ، وأن كلا منهما صحيح ، والأربع في كثير أحواله ، وركعتين في قليلها .

وإذا كان ذلك كذلك فللمرء أن يصلي قبل الظهر ما شاء ; لأن ذلك تطوع ، وقد ندب الله المؤمنين إلى التقرب إليه بما أطاقوا من فعل الخير .

والصلاة بعد الزوال وقبل الظهر كانت تعدل بصلاة الليل في الفضل .

روي هذا عن جماعة من السلف . وذكر ابن قدامة الحنبلي أن الراتبة عندهم قبل الظهر ركعتان ، وركعتان بعدها . واستدل بحديث ابن عمر [ ص: 199 ] هذا . وقال الشافعي : قبل الظهر أربع . وقال صاحب "البداية " الحنفي : أربع قبلها ، وركعتان بعدها . واستدل بحديث عائشة في الباب ، وبحديث أم حبيبة . أخرجه الترمذي وصححه ، وعنها : "من صلى أربعا قبل الظهر ، وأربعا بعدها ، حرمه الله على النار " أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب . وقال مرة : حسن صحيح غريب . وأخرجه أبو داود ، والنسائي أيضا .

ولأبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه من حديث أبي أيوب مرفوعا : "أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء " وللترمذي عن علي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل الظهر أربعا ، وبعدها ركعتين . ثم قال : حسن ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة ، ومن بعدهم يختارون أن يصلي الرجل قبل الظهر أربعا . وهو قول الثوري ، وابن المبارك ، وإسحاق .

[ ص: 200 ] ولابن منصور في "سننه " من حديث البراء قال : "من صلى قبل الظهر أربعا كان كمن تهجد من ليلته ، ومن صلاهن بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر " .

وللترمذي من حديث عبد الله بن السائب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر ، وقال : "إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح " وقد سلف . قال الترمذي : حديث حسن غريب ، وفي الباب عن علي ، وأبي أيوب .

وله من حديث عمر رفعه : "أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلهن من صلاة السحر ، فليس شيء إلا يسبح الله تلك الساعة ، ثم قرأ : يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله الآية [النحل : 48] كلها " . ثم قال : حديث غريب .

قال القرطبي : واختلف العلماء هل للفرائض رواتب مسنونة أو ليس لها ؟ فذهب الجمهور وقالوا : هي سنة مع الفرائض . وذهب مالك في المشهور عنه : إلى أنه لا رواتب في ذلك ، ولا توقيت عدا ركعتي الفجر ؟ حماية للفرائض . ولا يمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك . قال : وذهب العراقيون من أصحابنا إلى استحباب الركوع بعد الظهر ، وقبل العصر ، وبعد المغرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية