التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1144 [ ص: 274 ] 4 - باب: من سمى قوما أو سلم في الصلاة على غيره مواجهة وهو لا يعلم

1202 - حدثنا عمرو بن عيسى ، حدثنا أبو عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كنا نقول : التحية في الصلاة ونسمي ، ويسلم بعضنا على بعض ، فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "قولوا : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد لله صالح في السماء والأرض " . [انظر : 831 - مسلم : 402 - فتح: 3 \ 76]


ذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود : كنا نقول : التحية في الصلاة ونسمي ، ويسلم بعضنا على بعض ، فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "قولوا : التحيات لله . . " الحديث .

وقد سلف في التشهد ، وفيه هنا زيادة ، وهي قوله : (ويسلم بعضنا على بعض ) أي : يقول : السلام على فلان . ليس أنه يخاطبه ، فإن خاطبه بطلت . ذكره الداودي وابن أبي زيد في "نوادره " . وقال ابن التين : لم أره لغيره .

وقوله : (من سمى قوما ) . يريد : ما كانوا يفعلونه أولا من مواجهة بعضهم بعضا ومخاطبتهم ، قبل أن يأمرهم الشارع بهذا التشهد ، فأراد البخاري ; ليعرفك أنه لما لم يأمر بإعادة تلك الصلاة التي سمى فيها [ ص: 275 ] بعضهم بعضا علم أنه من فعل هذا جاهلا أنه لا تفسد صلاته ، وقال مالك والشافعي : إنه من تكلم في صلاته ساهيا لم تفسد صلاته .

وقوله : (أو سلم على غيره وهو لا يعلم ) . يعني : لا يعلم المسلم عليه ، ولا يسمع السلام عليه . وأمره - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبته في التحيات بقوله : "السلام عليك أيها النبي " وهو أيضا خطاب في الصلاة لغير المصلي ، لكن لما كان خطابه - صلى الله عليه وسلم - حيا وميتا من باب الخشوع ومن أسباب الصلاة المرجو بركتها ، لم يكن كخطاب المصلي لغيره .

وفي هذا دليل على أن ما كان من الكلام عامدا في أسباب الصلاة أنه جائز سائغ ، بخلاف قول أبي حنيفة والشافعي ، وإنما أنكر تسميتهم للناس بأسمائهم ; لأن ذلك يطول على المصلي ويخرجه بما هو فيه من مناجاة الرب إلى مناجاة الناس شخصا شخصا ، فجمع لهم هذا المعنى في قوله : "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فهو وإن خاطب نفسه فقد خاطب أيضا غيره معه ، لكنه بما يرجى بركته فيها ، فكأنه منها .

وقوله : (كنا نقول : التحية في الصلاة ) . صح عنه : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ، وفي ذلك دلالتان على فرضه : قوله : (قبل أن يفرض ) . والثاني : (أمره - صلى الله عليه وسلم - ) .

وأجاب ابن التين بما لا يظهر ، فقال : قوله : (قبل أن يفرض علينا ) إخبار عن اعتقاده أن التشهد فرض وليس بحجة . قلت : اعتقاد الصحابي مقدم على اعتقادك .

[ ص: 276 ] قال : وعلى أنه محمول على التقدير ، كأنه قال قبل أن تقدر ألفاظه ، وكذلك قوله : "قولوا : التحيات " معناه : التقدير . قلت : مجاز .

قال : وعلى أنه لو سلم أن ظاهره الوجوب لحملناه على الندب .

بدليل قوله : إذا جلست قدر التشهد ، فقد تمت صلاتك . قلت : مدرج ، والأصل حمله على الوجوب .

وقوله : ( "التحيات لله ، والصلوات والطيبات " ) أخذ به أبو حنيفة وأحمد ، وأخذ الشافعي بتشهد ابن عباس ومالك بتشهد عمر ، وكله واسع ، وقد سلف ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية