التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1152 1210 - حدثنا محمود ، حدثنا شبابة ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة قال : " إن الشيطان عرض لي ، فشد علي ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه ، فذعته ، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه ، فذكرت قول سليمان - عليه السلام - : رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسيا " . ثم قال النضر بن شميل : "فذعته " بالذال أي : خنقته ، و "فدعته " من قول الله : يوم يدعون [الطور :13] أي : يدفعون والصواب : فدعته ، إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء . [انظر : 461 - مسلم : 541 - فتح: 3 \ 80]


ذكر فيه حديث عائشة قالت : كنت أمد رجلي في قبلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي . . الحديث .

وقد سلف في باب الصلاة على الفراش .

وحديث أبي هريرة : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة فقال : "إن الشيطان عرض لي ، فشد علي ليقطع الصلاة علي ، فأمكنني الله منه ، فذعته . . " الحديث .

وقد سلف في باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد .

وقوله هنا : "فذعته " أي خنقته ، وهو بالدال . والذال : الدفع العنيف .

[ ص: 297 ] قيل : هما سواء ، وقيل : هو بالمعجمة لا غير .

قال صاحب "المطالع " : وعند ابن الحذاء في حديث ابن أبي شيبة بذال وغين معجمتين .

وفي بعض نسخ البخاري هنا إثر الحديث عن النضر بن شميل : فذعته بالذال خنقته ، وفدعته من قول الله تعالى : يوم يدعون [الطور : 13] أي يدفعون ، والصواب : فذعته . أي بالمعجمة إلا أنه كذا قال بتشديد العين والتاء وفي حاشيته : فدععته ، بتكرار العين . وقال ابن التين عن الخطابي : الذعت : شدة الخنق ، بالذال المعجمة .

وذكر عن الخليل أنه الضرب بالأرض والتلويث . وقال الداودي عن النضر : فذعته بالذال : خنقته . وفدعته من قول الله تعالى : يوم يدعون [الطور : 13] أي : يدفعون . قال : والصواب : فذعته ، إلا أنه بتشديد العين والتاء .

ثم قال : فقوله : والصواب : فذعته . إنما يجوز ذلك إذا كانت الرواية بالغين ، وأما بالعين من يدعون فلا يجوز إلا التشديد ; لأنه إنما يقال في التخفيف : ودع يدع . مع أن الفعل الماضي منها قلما تستعمله العرب . قال : ومنه قوله تعالى : ما ودعك ربك [الضحى : 3] .

وقوله : (هو من قوله تعالى : يوم يدعون ) [الطور : 13] ليس بصحيح ، ولو كان كذلك لكان : دعوته .

قال ابن التين : وقول الداودي أيضا غير صحيح ; لأن فاء الفعل الذي ذكره واو فكان يقول : فودعته . بتشديد الدال وتخفيفها ، وفيه روايات كثيرة . فدعته وفدعته بتشديد العين والتاء ، ولا يصح إلا على [ ص: 298 ] التكثير من دعت . والصحيح منها ما ذكرناه فيما تقدم أنها ذال معجمة ، وعين غير معجمة مخففة ، والتاء مشددة .

وقوله : ( "فذكرت قول أخي سليمان " ) قال الداودي : لما احتمل قول سليمان لا ينبغي [ص : 35] لشيء منه أو جميعه كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفعل .

وقوله : ( "فرده الله خاسئا " ) أي : مبعدا . وقد أسلفنا غير مرة اغتفار العمل اليسير في الصلاة دون الكثير ، والإجماع قائم على أنه غير جائز ، والمرجع فيه إلى العرف ، وغمزه - صلى الله عليه وسلم - رجل الصديقة في الصلاة هو من العمل اليسير ، ولا يلحق مكرره بالكثير ; لأجل تفرقه .

وروى عبد الرزاق مفسرا صورة الشيطان فقال : "عرض لي في صورة هر " . فهذا معنى قوله : "فأمكنني الله منه " أي : صوره لي في صورة هر شخصا يمكنه أخذه ، فأراد ربطه ، فهو من العمل اليسير في الصلاة ، وربطه بسارية قد يحتاج إلى عمل كثير ، لكن قد هم به الشارع ، ولا يهم إلا بجائز ، ومما استخف العلماء من العمل في الصلاة أخذ البرغوث والقملة ، ودفع المار بين يدي المصلي ، والإشارة ، والالتفات الخفيف ، والمشي الخفيف ، وقتل الحية والعقرب ، وقد أمر بهما الشارع ، وهذا كله إذا لم يقصد المصلي بذلك العبث في صلاته ولا التهاون بها .

وممن أجاز أخذ القملة في الصلاة وقتلها الكوفيون والأوزاعي .

وقال أبو يوسف : قد أساء ، وصلاته تامة . وكره الليث قتلها في المسجد ، ولو قتلها لم يكن عليه شيء . وقال مالك : لا يقتلها في المسجد ، ولا يطرحها فيه ، ولا يدفنها في الصلاة .

[ ص: 299 ] وقال الطحاوي : لو حك بدنه لم يكره ، كذلك أخذ القملة وطرحها .

ورخص في قتل العقرب في الصلاة ابن عمر والحسن والأوزاعي ، واختلف قول مالك فيه : فمرة كرهه ومرة أجازه ، وقال : لا بأس بقتلها إذا آذته . وخففه ، وكذلك الحية والطير يرميه بحجر يتناوله من الأرض ، فإن لم يطل ذلك لم تبطل صلاته .

وأجاز قتل الحية والعقرب في الصلاة الكوفيون والشافعي وأحمد

وإسحاق ، وكره قتل العقرب في الصلاة إبراهيم النخعي .

وسئل مالك عمن يمسك عنان فرسه في الصلاة ولا يتمكن من وضع يديه بالأرض . قال : أرجو أن يكون خفيفا ولا يتعمد ذلك .

وروى علي بن زياد عن مالك في المصلي يخاف على صبي بقرب نار فذهب ينحيه . قال : إن انحرف عن القبلة ابتدأ ، وإن لم ينحرف بنى .

وسئل أحمد عن رجل أمامه سترة فسقطت فأخذها فأركزها . قال : أرجو أن لا يكون به بأس . فذكر له عن ابن المبارك أنه أمر رجلا صنع ذلك بالإعادة قال : لا آمره بالإعادة ، وأرجو أن يكون خفيفا . وأجاز مالك والشافعي حمل الصبي في الصلاة المكتوبة ، وهو قول أبي ثور .

التالي السابق


الخدمات العلمية