التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1159 1217 - حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا كثير بن شنظير ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له فانطلقت ، ثم رجعت وقد قضيتها ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه ، فلم يرد على ، فوقع في قلبي ما الله أعلم به ، فقلت في نفسي : لعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد علي أني أبطأت عليه ، ثم سلمت عليه فلم يرد علي ، فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى ، ثم سلمت عليه فرد علي فقال : " إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي " . وكان على راحلته متوجها إلى غير القبلة . [انظر 400 - مسلم : 540 - فتح: 3 \ 86]


ذكر فيه حديث علقمة ، عن عبد الله قال : كنت أسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علي . . الحديث .

وحديث عطاء عن جابر : قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة له فانطلقت . . الحديث .

وقد سلف الأول في باب : ما ينهى من الكلام ، والثاني ذكرته فيه ، وأخرجه مسلم أيضا ، وأخرجه أيضا من حديث أبي الزبير عن جابر ، وحكى ابن بطال هنا الإجماع أنه لا يرد السلام نطقا ، وقد أسلفناه في موضعه .

[ ص: 314 ] قال : واختلفوا : هل يرد بالإشارة ؟ فكرهته طائفة ، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور .

واحتج الطحاوي لأصحابه بقوله : فلم يرد عليه . وقال : "إن في الصلاة شغلا " .

واختلف فيه قول مالك ، فمرة كرهه ومرة أجازه ، وقال : ليرد مشيرا بيده ورأسه .

ورخصت فيه طائفة ، روي عن سعيد بن المسيب وقتادة والحسن .

وفيه قول ثالث أنه يرد إذا فرغ ، وقد سلف هناك .

واحتج الذين رخصوا في ذلك بما رواه ابن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين قال : لما قدم عبد الله من الحبشة وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، فسلم عليه فأومأ وأشار برأسه .

وعن ابن عمر قال : سألت صهيبا : كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع حين يسلم عليه وهو يصلي ؟ قال : يشير بيده .

[ ص: 315 ] وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى قباء فجاء الأنصار يسلمون عليه وهو يصلي ، فأشار إليهم بيده .

وقال عطاء : سلم رجل على ابن عباس وهو يصلي وأخذ بيده فصافحه وغمزه .

وقد ثبتت الإشارة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة في آثار كثيرة ذكرها البخاري في آخر كتاب الصلاة كما ستعلمه قريبا ، فلا معنى لقول من أنكر الرد بالإشارة ، وكذلك اختلفوا في السلام على المصلي كما أسلفناه هناك ، فكره ذلك قوم . وروي عن جابر بن عبد الله قال : لو دخلت على قوم وهم يصلون ما سلمت عليهم . قال أبو مجلز :

[ ص: 316 ] السلام على المصلي عجز ، وكرهه عطاء والشعبي ورواه ابن وهب عن مالك ، وبه قال إسحاق . ورخصت فيه أخرى ، روي ذلك عن ابن عمر وهو قول مالك في "المدونة " ، قال : لا يكره السلام عليه في فريضة ولا نافلة ، وفعله أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية