التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1179 1236 - حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك ، عن هشام عن أبيه ، عن عائشة [ ص: 374 ] رضي الله عنها -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا ، فلما انصرف قال : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا " . [انظر : 688 - مسلم : 412 - فتح: 3 \ 108]


هو الحديث الذي سلف في الباب قبله .

وقوله : (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) . يعني : عن فعله أو مسندا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لا أنه موقوف عليها .

ثم ذكر حديث سهل بن سعد الساعدي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن بني عمرو بن عوف . . الحديث .

وقد سلف في عدة مواضع : من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول . ما يجوز من التسبيح والحمد للرجال . رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به ، والبخاري رواه هنا عن قتيبة ، عن يعقوب بن عبد الرحمن ، ورواه أيضا قتيبة فيه ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، فيكون له فيه شيخان .

ثم ذكر حديث أسماء : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي . . الحديث .

وقد سلف في مواضع ، أولها : العلم ، في باب : من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس .

[ ص: 375 ] ثم ذكر حديث عائشة : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فأشار إليهم أن اجلسوا . . الحديث .

وقد سلف في باب : أهل العلم والفضل أحق بالإمامة ، وهذا الباب كالذي قبله .

فيه : الإشارة المعهودة باليد والرأس .

وفيه : جواز استفهام المصلي ورد الجواب باليد والرأس ، خلافا لقول الكوفيين . وروى ابن القاسم عن مالك : من كلم في الصلاة فأشار برأسه أو بيده فلا بأس بما خف ، ولا يكثر . وقال ابن وهب : لا بأس أن يشير في الصلاة بلا ونعم .

وقد اختلف قول مالك : إذا تنحنح في الصلاة لرجل ليسمعه ، فقال في "المختصر " : إن ذلك كالكلام . وروى عنه ابن القاسم أنه لا شيء عليه ; لأن التنحنح ليس بكلام ، وليس له حروف هجاء ، قاله الأبهري .

وحديث سهل فيه أنواع من الفقه والأدب ، فلنشر ههنا إلى اثني عشر وإن سلفت :

أولها : مبادرة الصحابة إلى الصلاة خوف الوقت إذا انتظر مجيئه .

ثانيها : جواز الصلاة بإمامين بعضها خلف واحد ، وتمامها خلف آخر .

ثالثها : جواز الائتمام بمن تقدم إحرام المأموم عليه .

رابعها : جواز صلاة الشخص بعضا إماما وبعضا مأموما .

خامسها : إن العمل اليسير كالخطوة والخطوتين لا يفسد .

[ ص: 376 ] سادسها : إن سنة الرجال فيما ينوبهم التسبيح ، وأن النساء التصفيق ، وهو ضرب اليمين على ظهر اليسار .

سابعها : صلاة الشارع خلف أمته .

عاشرها : تفضيل الصديق .

الحادي عشر : الرضا بإمامته لو ثبت وتم عليه ، ولذلك أشار إليه .

الثاني عشر : جواز الدعاء في الصلاة مع رفع اليدين عند حدوث نعمة يجب شكرها . وذلك أن الصديق عقل من إشارته - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر إكرام لا إيجاب ، ولولا ذلك ما استجاز مخالفة أمره .

وقوله : (لا ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .

يحتمل وجهين ، أبداهما ابن التين :

أحدهما : أنه تواضع واستصغر نفسه ; إذ من الفضائل تقدم الأفاضل .

والثاني : أن أمر الصلاة في حياته كان يختلف ، فلم يؤمن حدوث زيادة أو نقص وتغير في الحالة ، والمستحق لها سيد الأنبياء والمرسلين .

قال : ويشبه أن يكون الصديق قد استدل مع ذلك بشقه الصفوف إلى أن خلص إلى الأول . أي : لو لم يرد ذلك لصلى حيث انتهى به المقام و ( . . . ) قيامهم في حديث عائشة ما بينه حديث جابر أنه فعله تواضعا ومخالفة لأهل فارس في قيامهم على رءوس ملوكهم ، ويحتمل أن [ ص: 377 ] يكون قاموا في موضع الجلوس ; تعظيما له ، فأمرهم باتباعه والجلوس معه إذا جلس للتشهد .

وادعى ابن القاسم أنه كان في النافلة . وقال أحمد وإسحاق بظاهر الحديث : يصلي المأموم جالسا وإن قدر على القيام إذا صلى الإمام جالسا .

والحميدي والبخاري وغيرهما ادعوا نسخه بصلاة الصديق خلفه في مرضه الذي مات فيه قائما ، ومشهور مذهب مالك أنه لا يجوز أن يكون إماما إذا كان من وراءه قادرا على القيام ، وأبو حنيفة والشافعي والأوزاعي جوزوه . وبالله التوفيق .

آخر كتاب الصلاة

ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الجنائز

فرغ من تعليقه بدار السنة الكائنة بالقاهرة ، في مدة آخرها منتصف شعبان المكرم من سنة خمس وثمانين وسبعمائة :

إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي الحلبي .

الحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية