التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1190 [ ص: 422 ] 5 - باب: الإذن بالجنازة

وقال أبو رافع : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ألا آذنتموني " . [انظر : 458]

1247 - حدثنا محمد ، أخبرنا أبو معاوية ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن الشعبي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مات إنسان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا ، فلما أصبح أخبروه ، فقال : "ما منعكم أن تعلموني ؟ " . قالوا : كان الليل فكرهنا -وكانت ظلمة- أن نشق عليك . فأتى قبره فصلى عليه . [انظر : 857 - مسلم :954 - فتح: 3 \ 117]


ثم ذكر حديث ابن عباس : مات إنسان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا ، فلما أصبح أخبروه ، فقال : "ما منعكم أن تعلموني ؟ " . قالوا : كان الليل فكرهنا -وكانت ظلمة - أن نشق عليك . فأتى قبره فصلى عليه .

الشرح :

أما تعليق أبي رافع فسلف مسندا في باب : كنس المسجد .

وحديث ابن عباس أخرجه مسلم مختصرا أنه - عليه السلام - صلى على قبر بعد ما دفن فكبر عليه أربعا .

والبخاري أخرجه عن محمد ثنا أبو معاوية ، وأبو معاوية روى عنه المحمدان ابن المثنى وابن سلام شيخا البخاري .

[ ص: 423 ] وروي عن الشعبي مرة فقال : بعد موته بثلاث .

وروي : بعد ما دفن بليلتين . وروي بعد شهر .

قال الدارقطني : تفرد بهذا بشر بن آدم . وخالفه غيره فقال : بعد ما دفن .

أما فقه الباب :

ففيه : الإذن بالجنازة والإعلام به وقد سلف ما فيه في الباب قبله .

وهو سنة بخلاف قول من كره ذلك كما سلف .

[ ص: 424 ] وروي عن ابن عمر أنه كان إذا مات له ميت تحين غفلة الناس ثم خرج بجنازته ، والحجة في السنة لا فيما خالفها ، وقد روي عن ابن عمر في ذلك ما يوافق السنة ، وذلك أنه نعي له رافع بن خديج . قال : كيف تريدون أن تصبحوا به ؟ قالوا : نحبسه حتى نرسل إلى قباء وإلى قرى حول المدينة فيشهدوا . قال : نعم ما رأيتم . وكان أبو هريرة يمر بالمجالس فيقول : إن أخاكم قد مات فاشهدوا جنازته . وصلاته - عليه السلام - على هذا الفتى ; لأنه كان يخدم المسجد .

وقد روى أبو هريرة في هذا الحديث أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يكون في المسجد يقمه فمات .

وروى مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن مسكينة مرضت ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمرضها -وكان - صلى الله عليه وسلم - يعود المساكين- فقال : "إذا ماتت فآذنوني " . فخرج بجنازتها ليلا ، وذكر الحديث . فإنما صلى على القبر ; لأنه كان وعد ليصلي عليه ;

[ ص: 425 ] ليكرمه بذلك ; لإكرامه بيت الله ; ليحتمل المسلمون من تنزيه المساجد ، ما ينالون به هذه الفضيلة .

وسيأتي اختلاف العلماء في الصلاة على القبر بعد ما يدفن في بابه ، ومشهور مذهب مالك أنه لا يصلى على القبر ، فإن دفن بغير صلاة فقولان ، وعلى النفي أقوال : ثالثها : يخرج ما لم يطل . والخروج بالجنازة ليلا جائز ، والأفضل نهارا ; لانتفاء المشقة ، وكثرة المصلين ، فإن كان لضرورة فلا بأس ، رواه علي عن مالك . وكراهتهم المشقة عليه من باب تعظيمه وإكرامه ، مع أنه كان لا يوقظ من نومه ; لأنهم كانوا لا يدرون ما يحدث له في نومه .

وفيه : تعجيل الجنازة فإنهم ظنوا أن ذلك آكد من إيذانه .

وقوله : (فأتى قبره ، فصلى عليه ) . ظاهر في الصلاة عليه ، وقد سلف ما فيه عن مشهور مذهب مالك كما نقله ابن الحاجب .

وقال ابن التين : جمهور أصحابهم على الجواز ، خلافا لأشهب وسحنون فإنما قالا : إن نسي أن يصلي على الميت ، فلا يصلي على قبره وليدع له . قال سحنون : ولا أجعله ذريعة إلى الصلاة على القبور .

[ ص: 426 ] قال ابن القاسم : وسائر أصحابنا يصلي على القبر إذا فاتت الصلاة على الميت ، وأما إذا لم تفت وكان قد صلي عليه فلا يصلي عليه ، وقال ابن وهب عن مالك ، ذلك جائز .

وبه قال الشافعي وعبد الله بن وهب صاحب مالك وابن عبد الحكم ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وسائر أصحاب الحديث .

قال أحمد بن حنبل : روي الصلاة على القبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ستة وجوه كلها حسان .

[ ص: 427 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[ ص: 428 ] قال أبو عمر : وكرهها النخعي والحسن وهو قول أبي حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي والحسن بن حي والليث بن سعد . قال ابن القاسم : قلت لمالك : فالحديث الذي جاء في الصلاة عليه . قال : قد جاء ، ليس عليه العمل .

قلت : وبعضهم أجاب بالخصوصية بأن صلاته عليهم نور كما صح ، وبأنه الولي فلا تسقط بصلاة غيره وهو قول جماعة منهم ، ومنهم من قال : تسقط ولا تعاد .

قال أبو عمر : وأجمع من رأى الصلاة على القبر : أنه لا يصلى عليه إلا بقرب ما يدفن . وأكثر ما قالوا في ذلك : شهر . وقال أبو حنيفة : لا يصلى على قبر مرتين ، إلا أن يكون الذي صلى عليها غير وليها ، فيعيد وليها الصلاة عليها إن كانت لم تدفن فإن دفنت أعادها على القبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية