التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1194 [ ص: 440 ] 7 - باب: قول الرجل للمرأة عند القبر : اصبري

1252 - حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال : " اتقي الله واصبري " . [1283 ، 1302 ، 7154 - مسلم : 926 - فتح: 3 \ 125]


ذكر فيه حديث أنس : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة عند قبر وهي تبكي فقال : "اتقي الله واصبري " . . الحديث . هذا الحديث صحيح أخرجه مسلم أيضا وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، ويأتي في الأحكام أيضا وإنما أمرها - صلى الله عليه وسلم - بالصبر لعظيم ما وعد الله عليه من جزيل الأجر .

قال ابن عون : كل عمل له ثواب إلا الصبر ، قال تعالى : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر : 10] فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن لا يجتمع عليها مصيبتان مصيبة الهلاك ، ومصيبة فقد الأجر الذي يبطله الجزع ، فأمرها بالصبر الذي لا بد للجازع من الرجوع إليه بعد سقوط أجره ،

[ ص: 441 ] وقد أحسن الحسن بن أبي الحسن البصري في البيان عن هذا المعنى فقال : الحمد لله الذي آجرنا على ما لا بد لنا منه ، وأثابنا على ما لو تكلفنا سواه صرنا إلى معصيته ; فلذلك قال لها - صلى الله عليه وسلم - : "اتقي الله واصبري " أي : اتقي معصيته بلزوم الجزع الذي يحبط الأجر واستشعري الصبر على المصيبة بما وعد الله على ذلك ، وقال بعض الحكماء لرجل عزاه : إن كل مصيبة لم يذهب فرح ثوابها بألم حزنها ، لهي المصيبة الدائمة والحزن الباقي . وفي الحديث دليل على جواز زيارة القبور ; لأنه لو لم يجز لما ترك بيانه ، ولأنكر على المرأة خلوتها عند القبر ، وسيأتي تمام هذا المعنى في بابه إن شاء الله .

وفيه دلالة أيضا على تواضعه وكونه لم ينتهرها لما ردت عليه قوله بل عذرها بمصيبتها وذلك من خلقه الكريم .

وفيه : النهي عن البكاء بعد الموت .

وفيه : الموعظة للباكي بتقوى الله والصبر كما سلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية