التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1218 [ ص: 496 ] 28 - باب: من استعد الكفن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه

1277 - حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل - رضي الله عنه - ، أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة فيها حاشيتها -أتدرون ما البردة ؟ قالوا : الشملة ؟ قال : نعم- قالت : نسجتها بيدي ، فجئت لأكسوكها . فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها ، فخرج إلينا وإنها إزاره ، فحسنها فلان فقال : اكسنيها ، ما أحسنها . قال القوم : ما أحسنت ، لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها ، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد . قال : إني والله ما سألته لألبسها ، إنما سألته لتكون كفني . قال سهل : فكانت كفنه . [2093 ، 5810 ، 603 - فتح: 3 \ 143]


ذكر فيه حديث سهل بن سعد أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة . . الحديث . وفيه : إنما سألته لتكون كفني . فكانت كفنه .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وهو ظاهر لما ترجم له من إعداد الكفن .

وفيه هدية المرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقبول السلطان إياها من الفقير ، وترك مكافأته عليها بخلاف من قال : إن هدية الفقير للمكافأة ، مع أن من شأنه - صلى الله عليه وسلم - المكافأة .

وفيه أنه يسأل السلطان الفاضل والرجل العالم الشيء الذي له القيمة للتبرك به .

[ ص: 497 ] وقوله : فيها حاشيتها : أي أنها لم تقطع من ثوب فلا تكون لها حاشية ، أو تكون لها حاشية واحدة ; لأنها بعض ثوب ، قاله الداودي ، وقال غيره : حاشية الثوب هدبه ، وكأنها جديدة لم تقطع ولم تلبس ; لأنها دائرة بعد .

و (فيها حاشيتها ) قال القزاز : حاشيتا الثوب : ناحيتاه اللتان في طرفهما الهدب ، وقال الجوهري : الحاشية واحدة حواشي الثوب ، وهي جوانبه .

وفيه : ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي حتى لا يجد شيئا فيدخل بذلك في جملة المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .

وفيه : جواز المسألة بالمعروف ، وأنه لم يكن يرد سائلا .

وفيه : بركة ما لبسه الشارع بما يلي جسده .

وفيه : جواز إعداد الشيء قبل وقت الحاجة إليه . وقد حفر بعض الصالحين قبورهم بأيديهم ، ليمتثلوا حلول الموت فيهم ، وأفضل ما ينظر في وقت المهد وفسحة الأجل الاعتداد للمعاد ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل المؤمنين إيمانا أكثرهم للموت ذكرا ، وأحسنهم له استعدادا "

[ ص: 498 ] وقال الضمري : لا يستحب أن يعد الإنسان لنفسه كفنا ; لئلا يحاسب عليه ، وهو صحيح إلا إذا كان من جهة يقطع بحلها أو من أثر أهل الخير والصلحاء والعباد فإنه حسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية