التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
[ ص: 554 ] 37 - باب: ما ينهى من الحلق عند المصيبة

1296 - وقال الحكم بن موسى : ثنا يحيى بن حمزة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، أن القاسم بن مخيمرة حدثه : قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى قال : وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ، ورأسه في حجر امرأة من أهله ، فلم يستطع أن يرد عليها شيئا ، فلما أفاق قال : أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصالقة والحالقة والشاقة . [ مسلم : 104 - فتح: 3 \ 165]


هذا التعليق أسنده مسلم إلى الحكم بن موسى . ورواه عنه أبو يعلى في "مسنده " والحسن بن سفيان ، واعتذر ابن التين عن البخاري كونه لم يسنده بأنه لا يخرج للقاسم بن مخيمرة ، وزعم بعضهم أنه لا يخرج للحكم أيضا إلا هذا غير محتج بهما ، وإن كان الدارقطني ذكرهما فيمن خرج له البخاري ، فإن غيره قيد ، وكأنه الصواب ، وامرأة أبي موسى : هي أم عبد الله (م . د . س ) بنت أبي دومة ، كذا ذكر في كتاب النسائي .

وخرجه مسلم أيضا عن الحلواني ، عن عبد الصمد ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن أبي موسى مرفوعا .

قال القاضي عياض : يرويه عن شعبة موقوفا ولم يرفعه عن عبد الصمد .

[ ص: 555 ] قلت : ذكر الدارقطني أن البخاري رفعه أيضا عن عبد الملك ، قال ذلك أبو ظفر عن البخاري . قال : والموقوف عن عبد الملك أثبت .

والحجر : بفتح الحاء وكسرها ، ذكره ابن سيده في "مثلثه " .

والصالقة -بالصاد والسين- التي ترفع صوتها عند المصيبة بالولولة .

والحالقة : التي تحلق رأسها عند المصيبة .

والشاقة : التي تشق ثوبها وجيبها عندها . وأصل البراء : الانفصال ، وهو يحتمل أن يراد به ظاهره ، وهو البراءة من فاعل هذه الأمور . وقال المهلب : (برئ منه ) . أي : لم يرض بفعله ، فهو منه بريء في وقت ذلك الفعل لا أنه بريء من الإسلام .

أما حكم الباب : فالحلق عند المصيبة حرام ، كالندب والنياحة ، ولطم الخدود ، وشق الجيب ، وخمش الوجه ، ونشر الشعر ، والدعاء بالويل والثبور ، ومن وقع في لفظ الكراهة فالمراد بها التحريم .

وقوله : (أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) . يعني : بريء من فعلها كما قال حين بلغه قتل خالد قوما قالوا : صبأنا ، صبأنا ، "أبرأ إليك مما صنع خالد " ، والمؤمن لا تجب البراءة منه بالذنوب إلا أن يرتد ، والعياذ بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية