التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1242 [ ص: 581 ] 44 - باب: البكاء عند المريض

1304 - حدثنا أصبغ عن ابن وهب قال : أخبرني عمرو ، عن سعيد بن الحارث الأنصاري ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - ، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال : "قد قضى ؟ " . قالوا : لا يا رسول الله . فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا ، فقال : " ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم ، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " . وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب فيه بالعصا ، ويرمي بالحجارة ، ويحثي بالتراب . [ مسلم : 924 - فتح: 3 \ 175]


ذكر فيه حديث ابن عمر : اشتكى سعد بن عبادة شكوى . . الحديث .

وفيه : فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا . . الحديث .

وهو قال على ما ترجم له من جواز البكاء عند المريض ، وليس ذلك من الجفاء عليه والتقريع له ، وإنما هو إشفاق عليه ، ورقة وحرقة لحاله .

وقد بين في الحديث أنه لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ، وإنما يعذب بالقول السيئ ودعوى الجاهلية .

وقوله : ( "أو يرحم " ) أي : إن لم ينفذ الوعيد في ذلك ، وإذا قال خيرا واستسلم للقضاء .

وقوله : (فوجده في غاشية أهله ) . يريد من كان حاضرا عنده منهم ، ويبعد أن يكون المراد : ما يتغشاه من كرب الوجع الذي به ، وإن أبداه ابن التين احتمالا .

[ ص: 582 ] ومعنى : ( "قد قضى ؟ " ) أي : مات .

وقوله : (وكان عمر يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي -أو يرمي- بالتراب ) . إنما كان يضرب في البكاء بعد الموت لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "فإذا وجبت فلا تبكين باكية " ، وكان يضربهن أدبا لهن ; لأنه الإمام ، كذا أوله الداودي . وقال غيره : إنما كان يضرب في بكاء مخصوص ، وقبل الموت وبعده سواء ، وذلك إذا نحن ونحوه . وقوله : (ويحثي التراب ) . تأسى بقوله - صلى الله عليه وسلم - في نساء جعفر : "احث في أفواههن التراب " .

التالي السابق


الخدمات العلمية