التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1245 [ ص: 586 ] 46 - باب: القيام للجنازة

1307 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم " . قال سفيان : قال الزهري : أخبرني سالم عن أبيه قال : أخبرنا عامر بن ربيعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . زاد الحميدي : "حتى تخلفكم أو توضع " . [1308 - مسلم : 958 - فتح: 3 \ 177]


ذكر فيه حديث سفيان عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم " .

قال سفيان : قال الزهري : أخبرني سالم عن أبيه ، أنا عامر بن ربيعة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي بعض نسخ البخاري : زاد الحميدي : "حتى تخلفكم أو توضع " .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ولفظه : "حتى تخلفكم أو توضع " وفي لفظ له : "إذا رأى أحدكم الجنازة فإن لم يكن معها فليقم حين يراها تخلفه ، إذا كان غير متبعها " .

إذا تقرر ذلك فمعنى القيام للجنازة -والله أعلم- على التعظيم لأمر الميت ، والإجلال لأمر الله ; لأن الموت فزع ، فيستقبل بالقيام له والجد .

وقد روي هذا المعنى مرفوعا من حديث ابن عمر : "إنما تقومون إعظاما لمن يقبض النفوس " . رواه أحمد والحاكم . وقال : صحيح الإسناد .

وروي من حديث أبي سعيد مرفوعا : "الموت فزع ، فإذا رأيتم الجنازة [ ص: 587 ] فقوموا " رواه ابن أبي الدنيا من هذا الوجه ، وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة . وقد أخذ بظاهر حديث الباب جماعة من الصحابة ، والتابعين ، والفقهاء كما سنقف على ذلك في الباب بعد بعده .

ورأت طائفة ألا يقوم للجنازة إذا مرت به ، وقالوا : لمن تبعها أن يجلس وإن لم توضع . ونقله الحازمي عن أكثر أهل العلم . واحتجوا بحديث علي - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم للجنازة ثم جلس بعد . أخرجه مسلم .

ولابن حبان : كان يأمر بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك .

وفي لفظ : قام ثم قعد . وفي آخر : قام فقمنا ، ورأيناه قعد فقعدنا .

وقال علي : ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة ، فلما نسخ ذلك نهى عنه . وفي لفظ : قام مرة ثم نهى عنه .

فدل هذا : أن القيام منسوخ بالجلوس .

وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب ، وعروة ، ومالك ، وأبو حنيفة [ ص: 588 ] وأصحابه ، والشافعي . وكان ابن عمر وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلسون قبل أن توضع الجنازة ، فهذا ابن عمر يفعل هذا . وقد روي عن عامر بن ربيعة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ذلك . فدل تركه لذلك ثبوت نسخ ما حدث به عامر . وأنكرت عائشة القيام لها ، وأخبرت أن ذلك كان من فعل الجاهلية .

وقال عبد الملك بن حبيب وابن الماجشون : ذلك على التوسعة ، والقيام فيه أجر وحكمه باق .

وقول مالك أولى ; لحديث علي السالف . وقال صاحب "المهذب " : هو مخير بين القيام والقعود .

وقال جماعة : يكره القيام إذا لم يرد المشي معها ، وبه قال أبو حنيفة . وقال المتولي : يستحب القيام . وحديث علي مبين للجواز .

فأما القيام على القبر حتى تقبر ، فقال القرطبي : كرهه قوم ، وعمل به آخرون . روي ذلك عن علي وعثمان وابن عمر ، وأمر به عمرو بن العاصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية