التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1251 [ ص: 595 ] 50 - باب: حمل الرجال الجنازة دون النساء

1314 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا الليث ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه أنه سمع أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني . وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها ، أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعه صعق " . [1316 ، 1380 - فتح: 3 \ 181]


ذكر فيه حديث أبي سعيد : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ، فإن كانت صالحة قالت : قدموني . . " الحديث . وترجم عليه باب : قول الميت على الجنازة : قدموني وهو من أفراده ، وخرجه أيضا في باب كلام الميت على الجنازة ، ووجه مناسبته للترجمة قوله : ( "واحتملها الرجال " ) فإن النساء يضعفن عن ذلك ولو كان الميت أنثى ، وربما انكشف منها شيء بسببه .

إذا عرفت ذلك فالكلام عليه من أوجه :

أحدها : قوله : ( "إذا وضعت " ) الظاهر أن المراد : وضعها على أعناقهم ، ويحتمل أن يريد الوضع على السرير ، وسئل في "المدونة " : من أي جوانب السرير أحمل ، وبأيها أبدأ ؟ فقال : ليس فيه شيء مؤقت ، ورأيته يرى الذي يذكر الناس تبدأ باليمين بدعة .

وقال ابن مسعود : حمل الأربع هي السنة ، وبه قال أشهب وابن [ ص: 596 ] حبيب . واختلف في صفة الحمل فقال أشهب : يبدأ بالمقدم الأيمن من الجانب الأيمن ، ثم المؤخر -يريد الأيمن- ثم المقدم الأيسر ، ثم يختم بالمؤخر الأيسر . وقال ابن حبيب : يبدأ بيمين الميت -وهو يسار السرير المقدم- ثم الرجل اليمنى من الميت ، ثم الرجل اليسرى ، ثم يختم بالمقدم الأيمن وهو يسار الميت .

ثانيها : قوله : ( "فإن كانت صالحة قالت : قدموني " ) . وذلك أن تأخيرها لا فائدة فيه ، وفي تعجيلها ستر لها ، ومبادرة لغيرها .

وقوله : (وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها " ) وفي الرواية الأخرى : "قالت لأهلها يا ويلها " . وهي كلمة تقولها العرب عند الشر تقع فيه ، وتقول ذلك لغيره ، وويحك ، وويك وويل ومعناهن واحد . وقيل : الويل : واد في جهنم . والمتكلم بذلك الروح ، ويجوز أن يرده الله تعالى إليه ، فإنما يسمع الروح من هو مثله ويجانسه ، وهم الملائكة والجن .

ومعنى ( "صعق " ) : مات . والمراد : يسمعها كل شيء مميز ، وهم الملائكة والجن ، وإن روي أن البهائم تسمعها . وقد بين - عليه السلام - المعنى الذي من أجله منع الإنسان أن يسمعها ، وهو أنه كان يصعق لو سمعها ، فأراد الله تعالى الإبقاء على عباده ، والرفق بهم في الدنيا لتعمر ، ويقع فيها البلوى والاختبار .

التالي السابق


الخدمات العلمية