التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1254 [ ص: 609 ] 53 - باب: من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام

1317 - حدثنا مسدد ، عن أبي عوانة ، عن قتادة ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على النجاشي ، فكنت في الصف الثاني أو الثالث . [1320 ، 1334 ، 3877 ، 3878 ، 3879 - مسلم : 952 - فتح: 3 \ 186]


ذكر فيه حديث جابر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على النجاشي ، فكنت في الصف الثاني أو الثالث .

هذا الحديث أخرج أصله مسلم بدون قوله : (فكنت في الصف الثاني أو الثالث ) . ولا شك أن الصفوف على الجنازة من سنة الصلاة عليها ، وقد صح أن مالك بن هبيرة كان إذا صلى على جنازة ، فاستقل الناس جزأهم ثلاثة أجزاء ، ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من صلى عليه ثلاث صفوف فقد أوجب " حسنه الترمذي ، وصححه الحاكم على شرط مسلم ، ورواه أحمد بلفظ : "فقد غفر له " . ولفظ الحاكم بهما ، ولهذا قال أصحابنا : يسن جعل صفوفهم ثلاثة فأكثر ، وبه قال أحمد .

قال الطبري : فينبغي لأهل الميت إذا لم يخش عليه التغير أن ينتظروا اجتماع قوم ، يقوم منهم ثلاث صفوف ; لهذا الخبر .

[ ص: 610 ] وقد روي من حديث أبي هريرة وعائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من صلى عليه مائة من المسلمين إلا شفعوا فيه " ومن حديث ابن عباس مرفوعا : "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا ، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه " . أخرجه مسلم من هذا الوجه ، ومن حديث عائشة بلفظ : "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له ، إلا شفعوا فيه " وروي مثله عن أنس ، ووجه الاختلاف في هذه الأحاديث الواردة فيمن يصلي على الميت فيغفر له بصلاتهم ، أنها وردت جوابا لسائلين بحسب سؤالهم ، فإنه جواب من لا ينطق عن الهوى ، فسأله سائل عن المائة هل يشفعون فيه ؟ فأجاب بنعم . وآخر عن أربعين فقال مثل ذلك ، ولعله لو سئل عن أقل من أربعين ، لقال مثل ذلك .

وحديث مالك بن هبيرة يدل على أقل من أربعين لإمكان الثلاث صفوف أقل من أربعين ، كما يمكن أن يكون أكثر ، وإنما عين المائة والأربعين فيما سلف ، وهي من حيز الكثرة ; لأن الشفاعة كلما كثر المشفعون فيها كان أوكد لها ، ولا تخلو جماعة من المسلمين لهم هذا المقدار أن يكون فيها فاضل لا ترد شفاعته ، أو يكون اجتماع هذا العدد بالضراعة إلى الله مشفعا عنده . وأما الصلاة على النجاشي فسلف ما فيها في باب النعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية