التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1270 [ ص: 24 ] 65 - باب: قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة وقال الحسن: يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول: اللهم اجعله لنا فرطا وسلفا وذخرا .

1335 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سعد، عن طلحة قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما. حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب قال: ليعلموا أنها سنة. [فتح: 3 \ 203]


وعن طلحة بن عبد الله بن عوف من طريقين: قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: ليعلموا أنها سنة.

أما أثر الحسن فذكره أبو نصر عبد الوهاب بن عطاء الخفاف في "الجنائز"، فقال: سئل شعبة عن الصلاة على الصبي والسقط، وأنا عن قتادة، عن الحسن أنه كان يكبر، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، ثم يقول: اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا.

والفرط والفارط: المتقدم في طلب الماء، فكأنه يقول: اجعله لنا متقدم خير بين أيدينا. وقيل: كرره لاختلاف اللفظ وهو السالف. قال ابن فارس : احتسب فلان ابنه، إذا مات كبيرا، وافترطه إذا مات صغيرا .

وأما أثر ابن عباس فهو مرفوع; لأنه كقول الصحابي: من السنة [ ص: 25 ] كذا ، وللنسائي : حق وسنة ، وللترمذي : من تمام السنة، ثم روى من طريق مقسم عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. وقال: ليس إسناده بذاك القوي، والصحيح عن ابن عباس قوله: من السنة .

وقال الإسماعيلي : جمع البخاري بين الإسنادين، والمتن مختلف، ففي حديث غندر أنه حق وسنة.

قال غندر : نعم إنه حق وسنة. وفي حديث سفيان: من السنة، أو من تمام السنة. وللشافعي من حديث ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول: إنما فعلت هذا لتعلموا أنها سنة . وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم، قال: وقد أجمعوا أن قول الصحابي سنة، حديث مسند، وله شاهد مفسر، فذكره من حديث جابر، وابن عباس .

[ ص: 26 ] وعند الشافعي أنها ركن في أول تكبيرة ، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأشهب ، وسماها بعض أصحابه: شرطا. وهو مجاز، وخالف فيه الأئمة الثلاثة، وهو قول ابن عمر ، وعن الحسن أنه يقرأ بها في كل تكبيرة ، وعن الحسن بن علي : يقرأ ثلاث مرات . وعن المسور بن مخرمة أنه قرأ في الأولى بأم القرآن وسورة وجهر ، دليل مالك أنه ركن من أركان الصلاة، فلم يكن من شرط صحته قراءة أم القرآن كسجود التلاوة. قال الداودي : أحسب أن ابن عباس تأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" قال: وذلك ليس من هذا في شيء، ولو كان على عمومه لكان الدعاء غير جائز إلا بعد قراءتها، ولكانت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، قلت: هو مذهبنا. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "استغفروا لأخيكم" ولم يذكر قراءة.

وفي قول ابن عباس : (لتعلموا أنها سنة) رد على الداودي، وقال أبو عبد الملك: لعل ابن عباس سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة، ولم يجر عليه العمل بعد ذلك.

[ ص: 27 ] وقال ابن بطال : اختلف العلماء في قراءة الفاتحة على الجنازة، فروي عن ابن مسعود، وابن الزبير، وابن عباس، وعثمان بن حنيف، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، أنهم كانوا على ظاهر حديث ابن عباس، وهو قول مكحول والحسن، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقالوا: ألا ترى قول ابن عباس : لتعلموا أنها سنة، والمراد: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وذكر أبو عبيد في "فضائله" عن مكحول قال: أم القرآن قراءة ومسألة ودعاء. وممن لا يقرأ عليها وينكر ذلك عمر، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة . ومن التابعين: عطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، والشعبي، والحكم ، وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه. قال مالك : الصلاة على الجنازة إنما هو دعاء، وليس قراءة فاتحة الكتاب معمولا بها ببلدنا. وعبارة ابن الحاجب : ولا يستحب دعاء معين اتفاقا. ولا قراءة الفاتحة على المشهور.

وقال الطحاوي : يحتمل أن تكون قراءة من قرأها من الصحابة على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة، وقالوا: إنها سنة. يحتمل أن الدعاء سنة لما روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم أنكروا ذلك، ولما لم يقرأ بعد التكبيرة الثانية دل أنه لا يقرأ فيما قبلها; لأن كل تكبيرة قائمة مقام ركعة، ولما لم يتشهد في آخرها دل على أنه لا قراءة فيها ، ولا يلزم ذلك; إذ كل تكبيرة لها واجب مستقل.

[ ص: 28 ] فرع:

عندنا: يدعو للمؤمنين في الثانية استحبابا، وللميت في الثالثة والرابعة، اللهم لا تحرمنا .

فرع:

هل يستحب قراءة السورة عندنا أم لا؟ فيه وجهان: أصحهما: لا.

ونقل الإمام فيه إجماع العلماء .

والثاني: يستحب قراءة سورة قصيرة ، وفيه حديث. قال البيهقي : إنه غير محفوظ . والأصح أنه لا يأتي بافتتاح، نعم يتعوذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية