التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1368 [ ص: 334 ] 23 - باب: الصدقة تكفر الخطيئة .

1435 - حدثنا قتيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال عمر - رضي الله عنه -: أيكم يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفتنة؟ قال: قلت: أنا أحفظه كما قال. قال: إنك عليه لجريء، فكيف قال؟ قلت: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والمعروف. قال سليمان: قد كان يقول: "الصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر". قال: ليس هذه أريد، ولكني أريد التي تموج كموج البحر. قال: قلت: ليس عليك بها يا أمير المؤمنين بأس، بينك وبينها باب مغلق. قال: فيكسر الباب أو يفتح؟ قال: قلت: لا. بل يكسر. قال: فإنه إذا كسر لم يغلق أبدا. قال: قلت: أجل.

فهبنا أن نسأله من الباب، فقلنا لمسروق: سله. قال: فسأله. فقال: عمر - رضي الله عنه -. قال: قلنا: فعلم عمر من تعني؟ قال: نعم، كما أن دون غد ليلة، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط.
[انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 3 \ 301]


ذكر فيه حديث حذيفة، وقد سلف بطوله في باب الصلاة كفارة ، ويأتي في الصوم أيضا ، ونذكر نبذة من الكلام عليه لطول العهد به فـ (فتنة الرجل في أهله وولده وجاره) يريد: ما يفتن به من صغار الذنوب التي تكفرها الصلاة والصدقة، وما جانسها. وفي ضرب الأمثال في العلم.

وفيه: حجة لسد الذرائع، ويعبر عنه بغلق الباب وفتحه كما عبر عنه حذيفة وعمر، وأن ذلك من المتعارف في الكلام.

وفيه: أنه قد يكون عند الصغير من العلم ما ليس عند المعلم المبرز.

[ ص: 335 ] وفيه: أن العالم قد يرمز رمزا ليفهم المرموز له دون غيره; لأنه ليس كل العلم تجب إباحته إلى من ليس متفهم له، ولا عالم بمعناه.

وفيه: أن الكلام في الحدثان مباح إذا كان في ذلك أثر عن النبوة، وما سوى ذلك ممنوع; لأنه لا يصدق منه إلا أقل من عشر العشر، وذلك الجزء إنما هو على غلبة الظن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجني، فيضيف إليها أكثر من مائة كذبة" .

وقوله في آخره (حدثته حديثا ليس بالأغاليط) الأغلوطة: ما يغلط به عن الشارع، ونهى الشارع عن الأغلوطات، وهذا منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية