التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1417 1488 - حدثنا قتيبة، عن مالك، عن حميد، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قال: حتى تحمار. [2195، 2197، 2198، 2208 - مسلم: 1555 - فتح: 3 \ 352]


ثم ساق حديث ابن عمر: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. وكان إذا سئل عن صلاحها قال: حتى تذهب عاهتها.

وحديث جابر: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها.

[ ص: 565 ] وحديث أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قال: تحمار.

أما قوله - عليه السلام -: "لا تبيعوا الثمرة" فقد أسنده في الباب.

وحديث ابن عمر أخرجه مسلم والأربعة . وأخرجه النسائي عن ابن عمر وجابر جمع بينهما . وحديث جابر أخرجه مسلم .

وحديث أنس أخرجه مسلم والنسائي أيضا ، ويأتي في البيوع .

وأخرجه مسلم أيضا من حديث أبي هريرة وهو من أفراده . وسيأتي في البيوع من حديث أنس، وهو من أفراده عن مسلم ، وأخرجه الطحاوي من حديث عائشة، فيه: جواز بيع الثمرة التي وجبت زكاتها قبل أداء الزكاة ويتعين حينئذ أن تؤدى الزكاة من غيرها، خلافا لمن أفسد البيع .

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فقال مالك : من باع أصل [ ص: 566 ] حائطه أو أرضه، وفي ذلك زرع أو ثمر قد بدا صلاحه، وحل بيعه، فزكاة ذلك الثمر على البائع إلا أن يشترطها على المبتاع.

ووجه قوله أن المراعاة في الزكاة إنما تجب بطيب الثمرة، فإذا باعها ربها وقد طاب أولها فقد باع ماله، وحصة المساكين معه، فيحمل على أنه ضمن ذلك ويلزمه .

وقال أبو حنيفة: المشتري بالخيار بين إنفاذ البيع ورده . والعشر مأخوذ من الثمرة من يد المشتري ويرجع على البائع بعد ذلك. ووجه قوله أن العشر مأخوذ من الثمرة لأن سنة الساعي أن يأخذها من كل ثمرة يجدها، فوجب الرجوع على البائع بقدر ذلك كالعيب الذي يرجع بقيمته.

وقال الشافعي في أحد قوليه: إن البيع فاسد; لأنه باع ما يملكه، وما لا يملكه، وهو نصيب المساكين، فقدم الضعفة .

وعلى هذا القول رد البخاري بقوله في الباب: (فلم يحظر البيع بعد الصلاح على أحد، ولم يخص من وجبت عليها الزكاة ممن لم تجب). والشافعي منع البيع بعد الصلاح، فخالف إباحة الشارع لبيعها إذا بدا صلاحها، واتفق مالك، وأبو حنيفة، والشافعي أنه إذا باع أصل الثمرة، وفيها ثمر لم يبد صلاحه، أن البيع جائز، والزكاة على المشتري; لقوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده [الأنعام: 141] وإنما الذي ورد فيه النهي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وهو بيع [ ص: 567 ] الثمرة دون الأصل; لأنه يخشى عليه العاهة، فيذهب مال المشتري من غير عوض.

فإذا ابتاع رقبة الثمرة، وإن كان فيها ثمر لم يبد صلاحه، فهو جائز; لأن البيع إنما وقع على الرقبة لا على ثمرتها التي لم تظهر بعد، فهذا الفرق بينهما.

وقال ابن التين: قوله: ولم يخص من وجبت إلى آخره. هذا الأمر مترقب عند ابن القاسم إن أعطى البائع الزكاة، وإلا أخذت من المشتري.

وقال أشهب: لا شيء على المشتري، ويطلب الساعي ذمة البائع .

وهذا القول أولى لظاهر الحديث.

ونهيه عن بيع الثمار حتى تزهي أي: تحمار. أزهت النخلة إذا صارت زهوا تبدو فيها الحمرة وإنما نهى عن بيعها قبل الزهو للبقاء، فأما للقطع فجائز إذا كان المقطوع منتفعا به، كالكمثرى . واختلف إذا لم يذكر قطعا ولا بقاء فعند البغداديين من المالكية أنه بيع فاسد. وقيل: هو جائز. وهو مذهب أبي حنيفة ويقطعها. ومن باع حائطه قبل أن يزهي فذلك جائز. والصدقة على المشتري كما سلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية