التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1431 [ ص: 618 ] 69 - باب: وسم الإمام إبل الصدقة بيده .

1502 - حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا الوليد، حدثنا أبو عمرو الأوزاعي، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة. [5470، 5542، 5824 - مسلم 2119 (112) - فتح: 3 \ 366]


ذكر فيه حديث أنس: غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه ، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة.

الشرح:

هذا الحديث سلف قطعة منه في الجنائز لما توفي أبو عمير بن أبي طلحة في باب: من لم يظهر حزنه عند المصيبة وفي لفظ: فإذا هو في مربد الغنم يسمها قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال: "في آذانها"، وأخرجه مسلم أيضا في اللباس ، وفي رواية لأحمد وابن ماجه: "يسم غنما في آذانها" .

والميسم مفعل بكسر الميم وفتح السين المهملة: الآلة، والاسم منه: الوسم; لأن ياءه واو إلا أنها لما سكنت وكسر ما قبلها قلبت ياء. قال عياض: كذا ضبطناه بالمهملة، وقال بعضهم: بالمعجمة [ ص: 619 ] أيضا، وبعضهم فرق فقال: بالمهملة في الوجه، وبالمعجمة في سائر الجسد ، وفي "الجامع": الميسم: الحديدة التي يوسم بها، والجمع: مواسم.

وأما أحكامه وفوائده:

ففيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحنك أولاد الأنصار بتمرة يمضغها فيجعلها في حنك الطفل يمصها; فيكون أول ما يدخل جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتمر.

والصبي: محنك ومحنوك أيضا، وعبد الله هذا حملت به أمه في ليلة موت أخيه كما سلف هناك.

وفيه: وسم إبل الصدقة، وكذا الجزية، وهو ما عقد له الباب، وفعله الصحابة والتابعون أيضا والحكمة فيه تمييزها من الملك وليردها من أخذها ولا يلتقطها، وليعرفها متصدقها فلا يشتريها بعد; لئلا يكون عائدا في صدقته، والغنم ملحق بها كما سلف وكذا البقر.

ولا يسم في الوجه فملعون فاعله، كما أخرجه مسلم من حديث جابر . ويسم من البغال والحمير جاعرتيها ومن الغنم آذانها، ووسم عمر بن عبد العزيز الخيل التي حمل عليها في سبيل الله في أفخاذها وروي أنه - عليه السلام - أمر بوسم الإبل في أفخاذها، في إسناده نظر .

أما وسم الآدمي فحرام.

[ ص: 620 ] وفيه: أن النهي عن المثلة وتعذيب الحيوان مخصوص بهذا، وهذا ألم لا يجحف به.

وفيه: أن للإمام أن يتناول ذلك بنفسه.

وفيه: أن للإمام أن يتخذ ميسما لخيله ولخيل السبيل، وليس للناس أن يتخذوا مثل خاتمه وميسمه لينفرد السلطان بعلامة لا يشارك فيها، قاله المهلب.

وفيه: قصد الطفل أهل الخير والصلاح للتحنيك والدعاء بالبركة، وتلك كانت عادة الناس بأبنائهم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبركا بريقه ودعوته ويده.

فرع:

يستحب أن يكتب في ماشية الزكاة زكاة أو صدقة بإجماع الصحابة، كما نقله ابن الصباغ.

خاتمة:

انفرد أبو حنيفة فقال: إن الوسم مكروه; لأنه تعذيب ومثلة، وقد نهي عن ذلك، حجة الجمهور هذا الحديث، وغيره من الأحاديث، وأن الشارع باشر فعله.

[ ص: 621 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية