التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1470 [ ص: 130 ] 23 - باب: ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر ولبست عائشة رضي الله عنها الثياب المعصفرة وهي محرمة وقالت: لا تلثم ولا تبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران. وقال جابر: لا أرى المعصفر طيبا. ولم تر عائشة بأسا بالحلي والثوب الأسود والمورد والخف للمرأة. وقال إبراهيم: لا بأس أن يبدل ثيابه.

1545 - حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا فضيل بن سليمان قال: حدثني موسى بن عقبة قال: أخبرني كريب، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه، هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد، فأصبح بذي الحليفة، ركب راحلته حتى استوى على البيداء، أهل هو وأصحابه وقلد بدنته، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، فقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحل من أجل بدنه لأنه قلدها، ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون، وهو مهل بالحج، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رءوسهم ثم يحلوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلال، والطيب والثياب. [1625، 1731 - فتح: 3 \ 405]


ثم ذكر فيه حديث ابن عباس: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه، هو وأصحابه .. الحديث.

[ ص: 131 ] الشرح:

أما أثر عائشة فأخرجه ابن أبي شيبة من حديث إبراهيم عنها أنها قالت: يكره الثوب المصبوغ بالزعفران، أو (الصبغة) بالعصفر للرجال والنساء ، إلا أن يكون ثوبا غسيلا . وفي لفظ: تكره المشبعة بالعصفر للنساء .

وبإسناد صحيح عنها أنها قالت: تلبس المحرمة ما شاءت إلا المهرود بالعصفر ، والمورد في أثرها الثاني: قيل هو المعصفر إذا غسل صار موردا. أو قال بعض أهل اللغة: المورد: المصبوغ بالورد .

وأما أثر جابر فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا، عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن أبي الزبير، عن جابر قال: إذا لم يكن في الثوب المعصفر طيب فلا بأس به للمحرم أن يلبسه .

وأثر إبراهيم أخرجه ابن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عنه قال: يغير المحرم ثيابه ما شاء بعد أن يلبس ثياب المحرم .

[ ص: 132 ] قال: وحدثنا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة قال: غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوبيه بالتنعيم .

وحدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، ويونس، عن الحسن وحجاج، عن عبد الملك وعطاء أنهم لم يروا بأسا أن يبدل المحرم ثيابه ، وكذا قاله طاوس، وسعيد بن جبير سئل: أيبيع المحرم ثيابه؟. قال: نعم .

وحديث ابن عباس من أفراده، ورواه مرة مختصرا، وقال: يحلقوا أو يقصروا .

والترجل: حل الشعر ومشطه. ومعنى (تردع) بعين مهملة وفتح أوله; لأنه ثلاثي، أي: كثر فيها الزعفران حتى تنفضه وتلطخه. قال صاحب "المطالع": وفتح الدال أوجه.

والردع: الأثر على الجلد وغيره. قال ابن سيده: شيء يسير في مواضع شتى . وقال ابن التين: معناه: تلطخ الجلد. وقال ابن الجوزي: كذا وقع: تردع على الجلد. والصواب: تردع الجلد أي: تصبغه، وتنفض صبغها عليه.

وقال ابن بطال: من رواه بغين معجمة فهو من قولهم: أردغت الأرض: كثرت رداغها، وهي مناقع المياه، ومنه: أرزغت الأرض بالزاي، أي: كثرت رزاغها، جمع رزغة كالردفة، ذكره صاحب [ ص: 133 ] "الأفعال" . وذكر أردع وأرزغ في باب أفعل خاصة .

وقوله: (فأصبح بذي الحليفة، ركب راحلته حتى استوى على البيداء، أهل هو وأصحابه) كذا هنا ، وفي "صحيح مسلم" عنه أنه - عليه السلام - صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلدها بنعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء، أهل بالحج .

قال ابن حزم: فهذا ابن عباس يذكر أنه صلى الظهر في ذي الحليفة، وأنس يذكر أنه صلاها بالمدينة، وكلا الطريقين في غاية الصحة .

وأنس أثبت في هذا المكان; لأنه ذكر أنه حضر ذلك بقوله: صلى الظهر بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة العصر ركعتين، وابن عباس لم يذكر حضورا، والحاضر أثبت، ثم ابن عباس لم يقل فيها أنها كانت يوم خروجه - عليه السلام - من المدينة، وإنما عنى به اليوم الثاني، فلا تعارض إذن.

وعند النسائي عن أنس أنه - عليه السلام - صلى الظهر بالبيداء، ثم ركب وصعد جبل البيداء، وأهل بالحج والعمرة .

ولا تعارض ؛ فإن البيداء وذا الحليفة متصلتان بعضه مع بعض، فصلى الظهر في آخر ذي الحليفة، وهو أول البيداء، فصحا. فعلى هذا يكون قول من قال: إن أول إهلاله بالبيداء عقب صلاة الظهر.

[ ص: 134 ] وتقدم قول أنس أن إحرامه كان عقب صلاة الصبح، ومعلوم أن الإحرام عقب التهليل. وطريق الجمع كما ذكر ابن عباس، يعني في باب الإهلال السابق.

وقوله: (وذلك لخمس بقين من ذي القعدة)، فيحتمل أنه أراد الخروج، ويحتمل الإهلال. وفي "صحيح مسلم" عن عائشة: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة .

وفي "الإكليل" بسند فيه الواقدي من حديث محمد بن جبير بن مطعم: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة سنة عشر، فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين.

وزعم ابن حزم أنه خرج يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة نهارا بعد أن تغدى وصلى الظهر بالمدينة، وصلى العصر من ذلك اليوم بذي الحليفة، وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة، وطاف على نسائه، ثم اغتسل، ثم صلى بها الصبح، ثم طيبته عائشة، ثم أحرم ولم يغسل الطيب، وأهل حين انبعثت به راحلته من عند مسجد ذي الحليفة بالقران: العمرة والحج معا، وذلك قبل الظهر بيسير، ثم لبى، ثم نهض وصلى الظهر بالبيداء، ثم تمادى واستهل هلال ذي الحجة .

فإن قلت: كيف قال: إنه خرج من المدينة لست بقين من ذي القعدة وقد ذكر مسلم من حديث عمرة عن عائشة: لخمس بقين منها لا نرى إلا الحج؟ .

[ ص: 135 ] قلت: قد ذكر مسلم أيضا من طريق عروة عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين لهلال ذي الحجة .

فلما اضطربت الرواية عنها، رجعنا إلى من لم تضطرب عنه في ذلك، وهما عمر وابن عباس، فوجدنا ابن عباس ذكر اندفاع رسول الله من ذي الحليفة بعد أن بات بها كان لخمس بقين من ذي القعدة.

وذكر أن يوم عرفة كان يوم جمعة ، فوجب أن استهلال ذي الحجة يوم الخميس ، وأن آخر ذي القعدة الأربعاء ، فصح أن خروجه كان يوم الخميس لست بقين منها.

ويزيده وضوحا حديث أنس: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين ، فلو كان خروجه لخمس بقين منها لكان بلا شك يوم الجمعة، والجمعة لا تصلى أربعا، فصح أن ذلك كان يوم الخميس.

وعلمنا أن معنى قول عائشة: لخمس بقين من ذي القعدة، إنما عنت اندفاعه - عليه السلام - من ذي الحليفة، فلم تعد المرحلة القريبة، وكان - عليه السلام - إذا أراد أن يخرج لسفر لم يخرج إلا يوم الخميس ، فبطل خروجه يوم الجمعة، وبطل أن يكون يوم السبت; لأنه كان يكون حينئذ خارجا من المدينة لأربع بقين من ذي القعدة، وصح أن خروجه كان لست بقين، واندفاعه من ذي الحليفة لخمس من ذي القعدة، وتآلفت [ ص: 136 ] الروايات .

وقوله: (فقدم مكة -شرفها الله تعالى- لأربع ليال خلون من ذي الحجة). قال الواقدي: أخبرنا أفلح بن حميد، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن هلال ذي الحجة كان ليلة الخميس ، اليوم الثاني من يوم خروجه - صلى الله عليه وسلم - من المدينة، ونزل بذي طوى فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون من ذي الحجة، وصلى الصبح بها، ودخل مكة نهارا من أعلاها صبيحة يوم الأحد.

قلت: وهذا يعضد قول ابن حزم قال: وأقام بمكة محرما من أجل هديه يوم الأحد المذكور إلى ليلة الخميس، ثم نهض ضحوة يوم الخميس، وهو يوم منى، والتروية مع الناس إلى منى. وفي ذلك الوقت أحرم بالحج من الأبطح، كذا ادعى، وقد أسلفنا أنه كان قارنا.

وذو القعدة: بكسر القاف وفتحها، وكذا ذو الحجة: بفتح الحاء وكسرها، والفتح أشهر هنا. و (الحجون) بفتح الحاء: موضع بمكة عند المحصب، وهو مقبرة أهل مكة .

قال أبو حنيفة الدينوري في "الأنواء": الحجون: بلد، الواحد حجن. وفي "النقائض": الحجون: مكان من البيت على ميل ونصف.

وقال البطليوسي: الحجون الذي ذكره زهير موضع آخر غير حجون مكة.

[ ص: 137 ] قوله: (ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة) لعله شغله عن الطواف في هذه المرة شاغل، وإلا فله أن يتطوع بالطواف ما شاء.

وقوله: (وأمر أصحابه أن يطوفوا ..) إلى آخره، اختلف فيهم، فقيل: من أحرم بعمرة، وقيل من أحرم بحج أو بعمرة ولا هدي معه.

وقال لمن كان أهل بالحج: "هي لكم خاصة". وضرب عمر - رضي الله عنه - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعله; لأنها كانت خصوصا لهم، وهو الصواب.

وأمر فيه بالتقصير لأجل الحلق بمنى، ورأى قوم أن ذلك لمن بعدهم ولم يحفظوا الخصوص، ومنهم أحمد، وداود. وأجازا فسخ الحج في العمرة، ولم يجز لمن كان معه هدي أن يحل لقوله تعالى: ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [البقرة: 196].

وقوله: (ثم يحلوا) أي: فيحل لهم المحرمات، كما ذكره بعد.

إذا تقرر ذلك فالكلام على مواضع:

أحدها:

قام الإجماع - كما حكاه المهلب - أن المحرم لا يلبس إلا الأزر والأردية، وما ليس بمخيط; لأن لبسه من الترفه ، فأراد الرب جل جلاله أن يأتوه شعثا غبرا عليهم آثار الذلة والخشوع، ولذلك نهى عن الثوب المصبوغ كما سلف; لأنه طيب. ولا خلاف بين العلماء أن لبسه له لا يجوز .

[ ص: 138 ] واختلفوا في الثوب المعصفر له. فأجازه جابر وابن عمر، وأسماء، وعائشة، وهو قول القاسم، وعطاء، وربيعة .

وقال مالك: المعصفر ليس بطيب، وكرهه للمحرم; لأنه ينتفض على جلده، فإن فعل فقد أساء، ولا فدية عليه .

وهو قول الشافعي .

وقال أبو ثور: إنما كرهنا المعصفر; لأنه - عليه السلام - نهى عنه; لأنه طيب.

وكره عمر بن الخطاب لباس الثياب المصبغة .

وقال أبو حنيفة والثوري: المعصفر طيب، وفيه الفدية .

وقال ابن المنذر: إنما نهى عمر عن المصبغة في الإحرام تأديبا; ولئلا يلبسه من يقتدي به فيغتر به الجاهل، ولا يميز بينه وبين الثوب المزعفر، فيكون ذريعة للجهال إلى لبس ما نهي عنه المحرم من الورس والزعفران.

والدليل عليه أن عمر رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا، فقال: ما هذا يا طلحة؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنما هو مدر. فقال عمر: إنكم أيها الرهط أئمة يقتدى بكم، لو أن رجلا رأى هذا الثوب [ ص: 139 ] قال: رأيت طلحة يلبس المصبغة في الإحرام، أخرجه مالك في "الموطإ"، عن نافع، عن أسلم مولى عمر .

وإن كان أراد به التحريم فقد خالفه غيره من الصحابة. والصواب عند اختلافهم أن ينظر إلى أولاهم قولا فيقال به. وإطلاق ذلك أولى من تحريمه; لأن الأشياء كانت على الإباحة قبل الإحرام، فلا يجب التحريم إلا بيقين.

وقد روينا أن عمر أنكر على عقيل لبسه الموردتين. وأنكر على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين، قال علي لعمر: دعنا منك ، فإنه ليس أحد يعلمنا السنة. قال عمر: صدقت .

وقال ابن التين: لبس عائشة المعصفر كأنه غير المقدم; لأن المقدم الذي ينفض ممنوع للرجال والنساء ، وأما المورد بالعصفر والمصبوغ بالمغرة، وبغير الزعفران والورس، فلا يمنع منه المحرم. ويكره لمن يقتدى به لبسه. وكره أشهب المعصفر - وإن كان لا ينتفض - لمن يقتدى به.

قال: وحاصل مذهبنا أن الذي ينتفض من صبغه يمنع منه الرجال والنساء، وإلا فلا فيهما إلا من يقتدى به منهم، قاله ابن حبيب .

وقال محمد: يكره لهما جميعا. وقال أبو حنيفة: يكره المعصفر المقدم لهما، وأباحه الشافعي، فإن لبس معصفرا ينفض فقياس المنع الفدية، وقياس قول أبي حنيفة لا.

وفي "المجموعة" نحوه عن أشهب ; لأنه ليس من الطيب [ ص: 140 ] المؤنث، وإن غسل المعصفر فقيل: جائز أن يلبسه. وقال أشهب في "المجموعة": أكرهه، وإن غسل.

الثاني:

قولها: (لا تلثم)، أي لأن إحرامها في وجهها، وكذا لا (تبرقع)، نعم لها أن تسدل على وجهها شيئا متجافيا عنه.

وقام الإجماع على أن المرأة تلبس المخيط كله، والخمر، والخفاف، وأن إحرامها في وجهها، وأن لها أن تغطي رأسها، وتستر شعرها، وتسدل الثوب على وجهها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال ، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر .

قال ابن المنذر: ويحتمل أن يكون كنحو ما روي عن عائشة قالت: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن محرمات، فإذا مر بنا راكب سدلنا الثوب من قبل رءوسنا، فإذا جاوز رفعناه .

ولا يكون ذلك خلافا. وثبت كراهة النقاب عن سعد، وابن عباس، [ ص: 141 ] وابن عمر، وعائشة، ولا نعلم أحدا من الصحابة رخص فيه. وكان ابن عمر ينهى عن القفازين، وهو قول النخعي .

وقال مالك: إن لبست البرقع والقفازين افتدت كفدية الرجل; لأن إحرام المرأة عنده في وجهها ويديها ، وهو أظهر قولي الشافعي .

وكرهت عائشة اللثام والنقاب، وأباحت لها القفازين، وهو قول عطاء .

واختلفوا في تخمير وجه المحرم. فقال ابن عمر: لا يخمر وجهه ، وكرهه مالك، ومحمد بن الحسن. قيل لابن القاسم: أترى عليه الفدية؟ قال: لا أرى عليه الفدية، لما جاء عن عثمان .

وقال في "المدونة" في موضع آخر: إن غطى وجهه ونزعه مكانه فلا شيء عليه، وإن لم ينزعه حتى انتفع افتدى .

وكذلك المرأة إلا إذا أرادت سترا.

[ ص: 142 ] وروي عن ابن عباس، وابن الزبير، وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وجابر أنهم أجازوا للمحرم تغطية وجهه خلاف ابن عمر ، وبه قال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وهذا يخرج على أن يكون إحرام الرجل عندهم في رأسه لا في وجهه .

الثالث:

رخصت عائشة في الحلي للمحرمة كما أسلفناه، وكذا ابن المنذر، وهو قول أبي حنيفة، وأحمد. وكره ذلك عطاء والثوري، وأبو ثور .

الرابع:

قول إبراهيم: (لا بأس أن يبدل ثيابه) هو مذهب مالك وأصحابه أنه يجوز له الترك للباس الثوب، ويجوز له بيعه. وقال سحنون: لا يجوز له ذلك; لأنه يعرض القمل للقتل بالبيع.

قال المهلب: وفي حديث ابن عباس إفراده - عليه السلام - للحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي ، والبقاء على الإحرام الأول من كان معه هدي; لأن من قلد هديه فلا بد له أن يوقعه موقعه; لقوله تعالى: حتى يبلغ الهدي محله [البقرة: 196]، وسيأتي معاني ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية