التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1546 71 - باب: من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد وصلى عمر - رضي الله عنه - خارجا من الحرم.

1626 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن زينب، عن أم سلمة رضي الله عنها: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وحدثني محمد بن حرب، حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء الغساني، عن هشام، عن عروة، عن أم سلمة رضي الله عنها -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بمكة، وأراد الخروج، ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك، والناس يصلون". ففعلت ذلك، فلم تصل حتى خرجت. [انظر: 464- مسلم: 1276 - فتح: 3 \ 486]


ذكر فيه حديث أم سلمة: في طوافها راكبة وهي شاكية.

وقد سلف ، وانفرد به من حديث عروة عنها. قال أبو نعيم: حديث عزيز جدا. وأخرجه مسلم وغيره من طريق زينب -بنتها- عنها .

ويحيى ابن أبي زكريا الغساني -هو بغين معجمة ثم سين مهملة ثم [ ص: 431 ] ألف، ثم نون ثم ياء النسب- ضعفه أبو داود، وقال أبو علي الجياني: وقع لأبي الحسن القابسي في إسناد هذا الحديث تصحيف في نسب يحيى بن أبي زكريا، قال: العشاني -بعين مهملة مضمومة ثم شين معجمة- والصواب: الغساني -بغين معجمة وسين مهملة- وقال فيه في موضع آخر: العثماني، والصواب ما قلناه .

وقيل: العشايي -بالياء- منسوب إلى بني عشاة- حكاه ابن التين.

قال الدارقطني في كتاب "التتبع": هذا الحديث مرسل، أعني طريق عروة عنها، وقد رواه حفص بن غياث، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، ووصله مالك عن أبي الأسود .

وقال (الغساني) : هكذا رواه أبو علي بن السكن، عن الفربري مرسلا، لم يذكر بين عروة وأم سلمة زينب، وكذا هو في نسخة عبدوس الطليطلي، عن أبي زيد المروزي، ووقع في نسخة الأصيلي: عروة عن زينب عنها متصلا، ورواية ابن السكن المرسلة أصح في هذا الإسناد، وهو المحفوظ .

قلت: وسماع عروة لأم سلمة ممكن; لأن مولده سنة ثلاث وعشرين، ووفاتها قرب الستين ، وهو قطين بلدها، فيجوز أن يكون سمعه مرة عن زينب عنها، ومرة عنها، يؤيده أنه روى البخاري: أخبرتني أم سلمة، كما ستعلمه.

[ ص: 432 ] وقال الأثرم: قال لي أبو عبد الله: حدثنا معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة قال: لم يسنده غيره، وهو خطأ، وقال وكيع: عن أبيه مرسلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة، أو نحو هذا. قال: وهذا أيضا عجيب، النبي يوم النحر ما يصنع بمكة؟! ينكر ذلك. قال: فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته، فقال عن هشام، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي، ليس توافيه.

قال: وبين هذين فرق، يوم النحر صلاة الفجر بالأبطح. قال: وقال لي يحيى: سل عبد الرحمن، فسأله، فقال هكذا: توافي، قال الخلال: يرى الأثرم في حكايته عن وكيع: توافيه، وإنما قال وكيع: توافي بمنى، وأصاب في قوله: توافي كما قال أصحابه، وأخطأ وكيع أيضا في قوله: بمنى.

أخبرنا علي بن حرب: ثنا هارون بن عمران، عن سليمان بن أبي داود، عن هشام، عن أبيه قال: أخبرتني أم سلمة قالت: قدمني النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن قدم من أهل مكة ليلة المزدلفة، قالت: فرميت بليل، ومضيت إلى مكة فصليت بها الصبح، ثم رجعت قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم الثاني الذي يكون عندها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأما أثر عمر: فأخرجه البيهقي من حديث ابن بكير: ثنا مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن: أن عبد الرحمن بن عبد القاري [ ص: 433 ] أخبره: أنه طاف مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح بالكعبة، فلما قضى طوافه نظر، فلم ير الشمس، فركب حتى أناخ بذي طوى، فسبح ركعتين .

وأخرجه ابن أبي شيبة: حدثنا علي بن مسهر ثنا ابن أبي ليلى، عن عطاء قال: طاف عمر بعد الفجر، وفيه: فلما طلعت الشمس وارتفعت صلى ركعتين، ثم قال: ركعتان مكان ركعتين .

قال ابن المنذر: اختلفوا فيمن نسي ركعتي الطواف، حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلاده، فقال عطاء والحسن البصري: يركعهما حيثما ذكر من حل، أو حرم ، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعي .

وهو موافق لحديث أم سلمة; لأنه ليس في الحديث أنها جعلتهما في الحل، أو في الحرم، وقال الثوري: يركعهما حيث شاء، ما لم يخرج من الحرم .

وقال في "المدونة": من طاف في غير إبان صلاة أجزأ الركعتين، وإن خرج إلى الحل ركعهما فيه ويجزئانه ما لم ينتقض وضوؤه، وإن انتقض قبل أن يركعهما، وكان طوافه ذلك واجبا، فابتدأ الطواف [ ص: 434 ] بالبيت وركع، لأن الركعتين من الطواف يوصلان به، إلا أن تتباعد، فليركعهما ويهدي ولا يرجع .

قال ابن المنذر: ليس ذلك أكثر من صلاة مكتوبة، وليس على من تركهما إلا قضاؤهما حيث ذكرهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية