التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1536 1642 - وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا الركن حلوا. [انظر: 1615- مسلم: 1235 - فتح: 3 \ 497]


ذكر فيه حديث محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي أنه سأل عروة بن الزبير، فقال: قد حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ، ثم طاف بالبيت. الحديث.

وقد سلف في باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكة .

وفيه: ما ترجم به أن سنة الطواف أن يكون على طهارة.

[ ص: 480 ] واتفق جمهور العلماء على أنه لا يجزئ بغير طهارة كالصلاة ، وخالف ذلك أبو حنيفة كما أسلفته هناك، فقال: إن طاف بغير طهارة: فإن أمكنه إعادة الطواف أعاده، وإن رجع إلى بلده جبره بالدم ، وحجة الجماعة هذا الحديث، وفعله للوجوب إلا أن تقوم دلالة، وأيضا فإن فعله خرج مخرج البيان لقوله تعالى: وليطوفوا بالبيت العتيق [الحج: 29]; لأن الطواف مجمل يحتاج إلى بيان صفته; لأنه يقتضي طوفة واحدة، وقد تقدم تسميته صلاة، وقد يكون في الشرع صلاة لا ركوع فيها ولا سجود كصلاة الجنازة، لا يقال: فينبغي أن يكون لها تحريم وتسليم، لأنه ليس كل ما كان صلاة يحتاج إلى ذلك; لأن كثيرا من الناس من يقول في سجود السهو أنه صلاة ولا يحتاج إلى ذلك، وكذلك سجود التلاوة إذا كان في صلاة.

وحديث صفية لما حاضت فقال: "أحابستنا هي؟ " فقيل: قد أفاضت، فقال: "فلا إذا" حجة لنا; فلو كان الدم يقوم مقام طوافها بغير طهارة، لكان - صلى الله عليه وسلم - لا يحتاج أن يقيم هو وأصحابه إلى أن تطهر ثم تطوف.

فإن قلت: إن الطواف -أعني: طواف الزيارة- لا يصح الحج إلا به، فلا يحتاج إلى طهارة كالوقوف بعرفة.

[ ص: 481 ] قلت: لما كان بعقب كل أسبوع من الطواف ركعتان، لا فصل بينه وبينها، وجب أن يكون الطائف متوضئا; ليصل صلاته بطوافه، والوقوف بعرفة لا صلاة بإثره فافترقا، واختلفوا فيمن انتقض وضوؤه وهو في الطواف.

فقال عطاء ومالك: يتوضأ ويستأنف الطواف . قال مالك: بخلاف السعي، لا يقطع ذلك عليه ما أصابه من انتقاض وضوئه .

وقال النخعي: يبني، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، إلا أن الشافعي قال: إن تطاول استأنف ، وقال مالك: إن كان تطوع فأراد إتمامه توضأ واستأنف، وإن لم يرد إتمامه تركه .

وفيه: حجة لمن اختار الإفراد، وأن ذلك كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه بعده لم يعدل أحد منهم إلى تمتع ولا قران; لقولها: (ثم لم تكن عمرة) وهو يبين لك أن ما وقع لعائشة أنه اعتمر أو فسخ وهم، أو يكون على تأويل الأمر.

وقوله: (ثم لم تكن عمرة). هذا آخر كلام عائشة، وما بعده لعروة، قاله أبو عبد الملك، وقال الداودي: ما ذكر من حج عثمان من كلام عروة، وما قبله لعائشة، قال: وما احتج به عروة لا مزيد فوقه، وإنما كان الفسخ في تلك الحجة خاصة.

التالي السابق


الخدمات العلمية