التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1576 [ ص: 530 ] 86 - باب: التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة 1659 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه. [انظر: 970- مسلم: 1285 - فتح: 3 \ 510]


ذكر فيه حديث محمد بن أبي بكر الثقفي: أنه سأل أنسا وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه.

هذا الحديث سلف في العيد ، وفي الحديث ابتداء قطع التلبية من الغدو من منى، وآخرها رمي جمرة العقبة في حديث الفضل وأسامة بن زيد وابن مسعود، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال: كان يهل [ ص: 531 ] منا المهل فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه) .

والذي مضى عليه جمهور العلماء من الصحابة وأهل المدينة اختيار قطعها عند الرواح إلى عرفة، كما حكاه ابن أبي صفرة; لأنهم فهموا أن تعجيل قطعها وتأخيرها على الإباحة، يدل على ذلك ترك إنكار بعضهم على بعض، وهم فهموا السنن وتلقوها ، فوجب الاقتداء بهم في اختيارهم، لأنا أمرنا باتباعهم.

وقال الطحاوي: لا حجة لكم في هذا الحديث; لأن بعضهم كان يهل، وبعضهم كان يكبر، ولا يمنع أن يكونوا فعلوا ذلك ولهم أن يلبوا; لأن الحاج فيما قبل يوم عرفة له أن يكبر، وله أن يهل، وله أن يلبي، فلم يكن تكبيره وإهلاله يمنعانه من التلبية . وقال المهلب: وجه قطع التلبية عند الرواح إلى الموقف من يوم عرفة; لأنه آخر السفر، وإليه منتهى الحاج، وما بعد ذلك فهو رجوع. فالتكبير فيه أولى، لقوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله إلى قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم ، وقال تعالى: ولتكبروا الله على ما هداكم فدل هذا على أن التكبير والدعاء لله عند المشعر الحرام وأيام منى أولى من التلبية; لأن معناها الإجابة، وإذا بلغ موضع النداء قطع التلبية، وأخذ في الدعاء، وسأل حاجاته، وسيأتي اختلافهم في قطع [ ص: 532 ] التلبية في حديث الفضل وأسامة بعد هذا قريبا. والحديث دال على إباحة التكبير والتهليل، ورواه محمد، عن مالك واحتج بهذا قال: كان القوم يكبرون ويلبون.

فائدة:

الغدو: السير، وهو السنة أن يسير إذا طلعت الشمس كما أسلفناه، واستثنى مالك من كان ضعيفا أو بدابته علة، فلا بأس أن يغدو قبل طلوعها. قال: ويكره أن يمر إلى عرفة من غير طريق المأزمين، فإن مر على غيره فلا شيء عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية