التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1606 1692 - وعن عروة، أن عائشة رضي الله عنها أخبرته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تمتعه بالعمرة إلى الحج، فتمتع الناس معه، بمثل الذي أخبرني سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [ مسلم: 1228 - فتح: 3 \ 539]
ذكر فيه حديث ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة.. الحديث بطوله.

وفي آخره: وعن عروة، أن عائشة أخبرته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تمتعه بالعمرة إلى الحج، فتمتع الناس معه، بمثل الذي أخبرني سالم، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

[ ص: 33 ] قال أبو نعيم الأصبهاني: خرجه البخاري مسندا: عن ابن بكير، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب ، عن عروة، فذكره، ومسلم ساقه بطوله، إلى حديث عروة، عن عائشة.

ومعنى: تمتع: أي: أمر به وأباحه، وكذلك معنى: (قرن بينه): أنه قال: فكان من الناس من أهدى، وما في آخره من تعليم الناس يفسر ما في أوله من إشكال (تمتع). وقد صح عن ابن عمر أنه رد قول أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - يتمتع، وقال: أهل بالحج وأهللنا. كما سلف، فتعين التأويل. وقال المهلب والداودي: معنى: تمتع ها هنا: قرن، وقيل له: متمتع; لأنه (لا يسقط) عمل العمرة المنفردة، ولا يعمل في الحج إلا عملا واحدا.

وقوله: "من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه" ولم يقل: وعمرته، وهو دال على أنه لم يتمتع; لأنه ساق الهدي، ولم يحل كما حل من لم يسقه.

وقوله: "فليطف بالبيت، وبالصفا والمروة" ظاهر في وجوب السعي.

وقوله: (وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالحج) . ثم قال ابن بطال: إنما يريد أنه بدأ حين أمرهم بالتمتع أن يهلوا بالعمرة أولا، ويقدموها قبل الحج، وأن ينشئوا الحج قبلها إذا حلوا منها.

وقوله: (فتمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: تمتعوا بحضرته.

[ ص: 34 ] وأما قوله: (وعن عروة) إلى مثل خبر سالم عن أبيه، فنعم، هو مثله في الوهم; لأن أحاديث عائشة كلها من رواية عروة والأسود والقاسم وعمرة مسقطة لهذا الوهم; لأنهم يروون عنها: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نرى إلا الحج. ورواية أبي الأسود عن عروة عنها: "أنه أهل بالحج" مخالفة لرواية ابن شهاب ، عن عروة عنها في تمتعه بالعمرة، وموافقة لرواية الجماعة عن عائشة.

وأما ترجمة الباب فساقها; ليعرف أن السنة في الهدي أن يساق من الحل إلى الحرم، واختلف العلماء في ذلك: فقال مالك: من اشترى هديه بمكة أو بمنى ونحره، ولم يقف به بعرفة في الحل فعليه بدله. وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن جبير، وبه قال الليث، وروي عن القاسم: أنه أجازه، وإن لم يقف به بعرفة، وبه قال أبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور.

وقال الشافعي: وقف الهدي بعرفة سنة لمن شاء، إذا لم يسقه من الحل، وقال أبو حنيفة: ليس بسنة; لأنه - عليه السلام - إنما ساق الهدي من الحل; لأن مسكنه كان خارج الحرم، والحجة لمالك: أنه - عليه السلام - ساقه من الحل إلى الحرم، وقال: "خذوا عني مناسككم".

التالي السابق


الخدمات العلمية