التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1621 [ ص: 63 ] 113 - باب : الجلال للبدن

وكان ابن عمر لا يشق من الجلال إلا موضع السنام، فإذا نحرها نزع جلالها؛ مخافة أن يفسدها الدم، ثم يتصدق بها.

1707 - حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي - رضي الله عنه - قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت وبجلودها. [1716، 1716 م، 1717، 1718، 2299 - مسلم: 1317 - فتح: 3 \ 549]
وعن علي قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت وبجلودها.

الشرح:

(الجلال): جمع جل.

وأثر ابن عمر رواه يحيى بن بكير ، عن مالك، عن نافع، عنه بلفظ: "كان لا يشق جلال بدنه" وكان لا يجلها حتى يغدو بها من منى إلى عرفة، زاد عنه يحيى -كما قال البيهقي: إلا موضع السنام- وإذا نحرها نزع جلالها إلى آخر ما ذكره البخاري.

وحديث علي أخرجه في (باب: لا يعطى الجزار من الهدي شيئا) فأمرني فقسمت لحومها، ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها، ولا أعطي عليها شيئا في جزارتها.

[ ص: 64 ] وفي لفظ: أهدى مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها، ثم أمرني بجلالها فقسمتها، ثم بجلودها فقسمتها.

وأخرجه مسلم بلفظ: أمرني أن أقوم على بدنه، و(أمرني) أن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا،قال: نحن نعطيه من عندنا.

وفي لفظ: أن نبي الله أمره أن يقيم على بدنه، وأمره أن يقسم بدنه كلها: لحومها وجلودها وجلالها في المساكين، ولا يعطي في جزارتها منها شيئا، وأخرج مسلم من حديث جابر: أنه - عليه السلام - أهدى مائة بدنة.

إذا تقرر ذلك:

ففيه: الإبانة أن من السنة في البدن إذا ساقها سائق إلى الكعبة أن يجللها، فإذا بلغت محلها أن ينحرها، ويتصدق بلحومها وجلودها وجلالها.

[ ص: 65 ] وفيه: أن لصاحبها أن يولي نحرها غيره، وأنه لا بأس عليه إن لم يل ذلك بنفسه.

وفيه: أن له أن يولي قسم لحومها من شاء، وقال ابن المنذر: كان ابن عمر يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة، ثم ينزعها ويطرحها حتى يكون يوم عرفة، فيلبسها إياها حتى ينحرها، ثم يتصدق بها.

قال المهلب: وهذا إنما فعله على وجه التطوع والتبرع بما كان أهل به لله تعالى أن لا يرجع في شيء منه، ولا في المال المضاف إليه، وليس ذلك بفرض عليه، وكان مالك وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور يرون تجليل البدن.

وعن مالك: لا تجلل بالمخلق وغيره من الألوان، والبياض أحب إلي، وكره الخلوق؛ لما فيه من الطيب، وحكمة شقها أن يبدو الإشعار، قال مالك: وذلك من عمل الناس، وما علمت أحدا ترك ذلك إلا ابن عمر ، وذلك أنه كان يجلل القباطي والأنماط المرتفعة والجلل القباطي: ثياب بيض، والأنماط: ثياب ديباج، والحلل: ثياب مزدوجة، فإذا كسيت الكعبة تصدق بها.

قال ابن المبارك: كان ابن عمر يجللها بذي الحليفة، فإذا أمسى ليله نزع الجلال، فإذا قرب من الحرم جللها، فإذا خرج إلى منى جللها، فإذا كان حين النحر نزعها، فيحتمل أن يكون هذا مخالفا لرواية مالك أنه [ ص: 66 ] لا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة، ويحتمل أن يكون مالك قصد إلى الإخبار فيها عن آخر فعله، واستوفى ابن المبارك الإخبار عن حالها من ابتداء الإحرام إلى آخر فعله فيها. وأحب ابن عمر أن يشق ويجلل من حيث يحرم، فتأول مالك فعله على الامتناع من ذلك جملة.

وقال الداودي: كان يجلل الأنماط والجل النفيس ولا يشقها، ويرفع عن أذنابها; لئلا يصيبها الأذى، فلما كسي البيت جللها بجلال دون ذلك، وشق ما حاذى السنام. وقال مالك: أما (الحلل) فتنزع; لئلا يخرقها الشوك، وأما القباطي فتترك عليها; لأنها جمال.

وقوله: (نحرت) لا يقال بضم التاء في آخره; لأنه على خلاف الرواية كما نبه عليه الداودي، فقد نحر الشارع بعضها، وهو ثلاث وستون؛ إشارة إلى سنين عمره، وعلي الباقي.

التالي السابق


الخدمات العلمية