التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1796 [ ص: 31 ] 3 - باب: الصوم كفارة

1895 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا جامع عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قال عمر رضي الله عنه: من يحفظ حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قال حذيفة: أنا سمعته يقول: " فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة". قال: ليس أسأل عن ذه، إنما أسأل عن التي تموج كما يموج البحر. قال وإن دون ذلك بابا مغلقا. قال: فيفتح أو يكسر؟ قال: يكسر. قال: ذاك أجدر أن لا يغلق إلى يوم القيامة. فقلنا لمسروق: سله أكان عمر يعلم من الباب؟ فسأله، فقال: نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة. [انظر: 525 - مسلم: 144 - فتح: 4 \ 110]


ذكر فيه حديث جامع -هو ابن أبي راشد أخو الربيع الكوفي، وفي طبقته جامع بن شداد أبو صخرة الكوفي - عن أبي وائل -وهو شقيق بن سلمة الأسدي - عن حذيفة قال: قال عمر : من يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة؟ قال حذيفة : أنا سمعته يقول: " فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة " الحديث.

وقد سلف في: الصلاة كفارة .

ومعنى " فتنة الرجل ": قال الداودي : يعني ينقص له من حسناته إن ظلم أحدا منهم، والفتنة هنا البلاء والاختبار، وهي هنا شدة حب الرجل لأهله وشغفه بهن، كما روى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعهما في حجره، ثم قال: "صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة، رأيت هذين فلم أصبر" ثم

[ ص: 32 ] أخذ في خطبته
وسمع عمر رجلا يستعيذ بالله من الفتنة، فقال له: أتدع الله أن لا يرزقك مالا وولدا؟! فاستعذ بالله من مضلات الفتن .

وقال ابن مسعود : لا يقل أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، فليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة; لأن الله تعالى يقول: إنما أموالكم وأولادكم فتنة [الأنفال: 28] فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلات الفتن، ومن فتنة الأهل الإسراف والغلو في النفقة عليهن والشغل بأمورهن عن كثير من النوافل، وفتنته في ماله أن يشتد سروره

[ ص: 33 ] بحيث يغلب عليه، وهو مذموم، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى علم الخميصة في الصلاة ردها إلى ( أبي جهم ) . وقال: "كاد يفتنني" فتبرأ مما خشي منه الفتنة، وكذلك عرض لأبي طلحة حين كان يصلي في حائطه فطار دبسي، فأعجبه فأتبعه بصره ساعة، ثم رجع إلى صلاته فلم يدر كم صلى فقال: لقد أصابني في مالي هذا فتنة، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: هو صدقة يا رسول الله فضعه حيث شئت .

ومن فتنة المال أيضا أن لا يصل أقاربه ويمنع معروفه أجانبه، وفتنته في جاره أن يكون أكثر مالا منه وحالا فيتمنى مثل حاله، وهو معنى قوله

[ ص: 34 ] تعالى: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة [الفرقان: 20] فهذه الأنواع وما شابهها مما يكون من الصغائر فما دونها، تكفرها أعمال البر، ومصداق ذلك إن الحسنات يذهبن السيئات [هود: 114].

قال أهل التفسير: الحسنات هنا: الصلوات الخمس ، والسيئات: الصغائر.

وقوله: ( ذاك أجدر أن لا يغلق ) أي: ذلك أحرى كأنه يقول ذلك أولى به (وأحق) .

التالي السابق


الخدمات العلمية