التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1832 [ ص: 227 ] 27 - باب: سواك الرطب واليابس للصائم

ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم، ما لا أحصي أو أعد . وقالت عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب ". وقال عطاء وقتادة : يبتلع ريقه. وقال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ". ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخص الصائم من غيره.

1934 - حدثنا عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر قال: حدثني الزهري عن عطاء بن يزيد، عن حمران: رأيت عثمان رضي الله عنه توضأ، فأفرغ على يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا، ثم اليسرى ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: " من توضأ وضوئي هذا، ثم يصلي ركعتين، لا يحدث نفسه فيهما بشيء، إلا غفر له ما تقدم من ذنبه". [انظر: 159 - مسلم: 226 - فتح: 4 \ 158]


ثم ذكر حديث عثمان أنه توضأ، فأفرغ على يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنثر ... الحديث.

وقد سلف بطوله في الطهارة، في باب: الوضوء ثلاثا ، وحديث عامر سلف قريبا مسندا .

[ ص: 228 ] وحديث عائشة أسنده النسائي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان ، وأثر عطاء وقتادة أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" عن [ ص: 229 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[ ص: 230 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[ ص: 231 ] عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن شهاب عنهما .

وتعليق حديث أبي هريرة أسنده النسائي، وصححه ابن خزيمة، وأخرجه في "الموطإ" عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أنه قال: لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع

كل وضوء .

وهذا يدخل في المسند عندهم، كما قاله أبو عمر لاتصاله من غير ما وجه، كذا رواه أكثر الرواة عن مالك ، ورواه بشر بن عمر وروح بن عبادة عن مالك مرفوعا به.

وخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" من حديث روح، ورواه الدارقطني

[ ص: 232 ] في "غرائب مالك " من حديث إسماعيل بن أبي أويس وغيره بما يقتضي أن لفظهم: "مع كل وضوء" .

واستدركه الحاكم صحيحا بلفظ: " لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء " .

[ ص: 233 ] وفي لفظ: "مع كل طهارة" .

وفي لفظ: " لولا أن أشق على الناس لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع الوضوء بسواك " .

وحديث جابر أخرجه أبو نعيم من حديث إسحاق بن محمد الفروي، عن عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن عبد الله بن عقيل، عنه بلفظ: "عند كل صلاة" .

[ ص: 234 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

[ ص: 235 ] وحديث زيد بن خالد أخرجه أيضا من حديث ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة عن زيد كذلك .

ولعل البخاري أشار بنحوه إلى هذا ومرضهما المصنف ; لأن ابن إسحاق شرطه في المتابعات لا في الأصول .

[ ص: 236 ] وفي الأول الفروي، وابن عقيل أحسن حالا منه . وسلف فقه الباب قريبا.

قال ابن التين : حديث حمران فيه بعد على ما بوب عليه.

قلت: لا بل هو لائح، وهو انتزاع ابن سيرين السالف حين قال: لا بأس بالسواك الرطب. قيل: له طعم، قال: والماء له طعم، وأنت تمضمض به نبه عليه ابن بطال، وقال: هو حجة قاطعة لا انفكاك عنه; لأن الماء أرق من ريق السواك، وقد أباح الله المضمضة بالماء في الوضوء للصائم وإنما كرهه من كرهه خشية من لا يعرف أن يحترز من ازدراده.

وقال ابن حبيب : من استاك بالأخضر ومج من فيه ما اجتمع فيه

[ ص: 237 ] فلا شيء عليه، ولا بأس به للعالم الذي يعرف كيف يتقي ذلك، ومن وصل من ريقه إلى حلقه فعليه القضاء .

وقال ابن بطال : اختلف العلماء في السواك للصائم في كل وقت من النهار، وأجازه الجمهور، قال مالك : أنه سمع أهل العلم لا يكرهون السواك للصائم في أي ساعات النهار شاء، غدوة وعشية، ولم أسمع أحدا من أهل العلم يكره ذلك ولا ينهى عنه .

وقد روي ذلك عن عائشة وابن عمر وابن عباس، وبه قال النخعي وابن سيرين وعروة والحسن .

وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه ، وقال عطاء : أكرهه بعد الزوال إلى آخر النهار من أجل الحديث -يعني السالف في خلوف فم الصائم - وهو قول مجاهد وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق

وأبو ثور ، وحجة القول الأول ما نزع به البخاري من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" .

[ ص: 238 ] وهذا يقتضي إباحته في كل وقت، وعلى كل حال; لأنه لم يخص النهار من غيره. وهذا احتجاج حسن لا مزيد عليه.

واختلفوا في السواك بالعود الرطب للصائم، فرخصت فيه طائفة، وروي ذلك عن ابن عمر وإبراهيم وابن سيرين وعروة ، وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور.

وكرهته طائفة، روي عن الشعبي وقتادة والحكم ، وهو قول مالك .

حجة الأول إطلاق الحديث، فإنه لم يخص الصائم من غيره بالإباحة، لذلك لم يخص السواك اليابس من غيره بالإباحة، فدخل في عموم الإباحة كل جنس من السواك رطبا أو يابسا، ولو افترق حكم الرطب من اليابس في ذلك لبينه; لأن الله تعالى فرض عليه البيان لأمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية