التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1857 1958 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر، عن سليمان، عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فصام حتى أمسى، قال لرجل: "انزل، فاجدح لي". قال: لو انتظرت حتى تمسي. قال: "انزل، فاجدح لي، إذا رأيت الليل قد أقبل من ها هنا فقد أفطر الصائم". [انظر: 1941 - مسلم: 1101 - فتح: 4 \ 198]


ذكر فيه حديث سهل بن سعد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ".

وحديث ابن أبي أوفى أيضا السالف، وحديث سهل أخرجه مسلم أيضا.

وكله مطابق لما ترجم له. أي: اجدح لنا سويقا - كما سلف.

ونص أصحابنا على أنه يستحب الفطر على تمر، وإلا بماء عند عدمه، وفي السنن الأربعة و"صحيح ابن حبان " و"مستدرك الحاكم " من حديث سلمان بن عامر مرفوعا: " إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور "، قال الترمذي : حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري . قال:

[ ص: 395 ] وله شاهد على شرط مسلم : عن أنس أنه - عليه السلام - كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء، وروى هذا الترمذي وقال: فتميرات بالتصغير، وقال: حسن غريب ، وقال البزار وأبو أحمد الجرجاني: تفرد به جعفر عن ثابت ، وللحاكم، وقال: على شرط الشيخين من حديث عبد العزيز بن [ ص: 396 ] صهيب عن أنس مرفوعا، بمثل حديث سلمان .

وقال الترمذي في "علله " عن البخاري : هذا وهم والصحيح حديث سلمان ، وللحاكم من حديث قتادة، عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي المغرب حتى يفطر ولو على شربة من ماء .

[ ص: 397 ] وقال ابن المنذر في "الإقناع": إنه يجب ذلك، ولعل مراده تأكيده- نعم ذهب إليه ابن حزم على مقتضى الحديث قال: فإن لم يفعل فهو عاص ولا يبطل صومه بذلك ، والحكمة فيه ما في التمر من البركة والماء أفضل المشروبات، وقيل غير ذلك مما أوضحته في كتب الفروع وأما تعجيل الفطر فهو سنة; لحديث سهل المذكور ، قال ابن عبد البر : أحاديث تعجيل الفطر وتأخير السحور متواترة صحاح وفي "سنن أبي داود" والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر; لأن اليهود والنصارى يؤخرون "، صححه ابن حبان والحاكم على شرط مسلم ، وإنما حض الشارع عليه; لئلا يزاد في النهار ساعة من الليل فيكون ذلك زيادة في فروض الله تعالى; ولأنه أرفق بالصائم [ ص: 398 ] وأقوى له على الصيام، وقال عمرو بن ميمون الأودي : كان أصحاب محمد أسرع الناس فطرا وأبطأهم سحورا ، وقال سعيد بن المسيب : كتب عمر إلى أمراء الأجناد: لا تكونوا مسوفين بفطركم ولا منتظرين بصلاتكم اشتباك النجوم ، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج قال: سمعت عروة بن عياض يخبر عبد العزيز بن عبد الله : أنه يؤمر أن يفطر الإنسان قبل أن يصلي ولو على حسوة من ماء، وروى عبد الرزاق عن صاحب له، عن عوف، عن أبي رجاء قال: كنت أشهد ابن عباس عند الفطر في رمضان فكان يوضع له طعامه، ثم يأمر مراقبا يراقب الشمس، فإذا قال: قد وجبت قال: كلوا، ثم قال: كنا نفطر قبل الصلاة ، وليس ما في "الموطإ" عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن أن عمر وعثمان كانا يصليان المغرب حين يفطران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا ويفطران بعد الصلاة ، [ ص: 399 ] مخالف لذلك; لأنهما إنما كانا يراعيان أمر الصلاة وكانا يعجلان الفطر بعدها من غير كثرة تنفل لما جاء في تعجيل الفطر، ذكره الداودي . قال الشافعي : كانا يريان تأخير ذلك واسعا لا أنهما يتعمدان الفعل لتركه بعد أن أبيح لهما وصارا مفطرين بغير أكل وشرب; لأن الصوم لا يصلح في الليل .

وفي الترمذي -وقال حسن غريب- من حديث أبي هريرة : " أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا " ، وفي أفراد مسلم عن عائشة وذكر لها رجلان من الصحابة، أحدهما يعجل الإفطار والصلاة، والآخر يؤخرهما فقالت من يعجلهما، قال: عبد الله، قالت: هكذا كان [ ص: 400 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع. عبد الله هو ابن مسعود والآخر: أبو موسى الأشعري .

قال ابن عبد البر : وقد روي عن ابن عباس وطائفة أنهم كانوا يفطرون قبل الصلاة ، قلت: وفي التعجيل رد على الشيعة الذين يؤخرون إلى ظهور النجوم.

فائدة: في الدعاء عند الإفطار، روى أبو داود عن معاذ بن زهرة أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أفطر قال: "اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت " وهذا مرسل ، ورواه الطبراني في "أصغر معاجمه" من حديث [ ص: 401 ] أنس مرفوعا بإسناد فيه ضعف ، وروى ابن عمرو مرفوعا: " إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد " رواه الحاكم ، وعن أبي هريرة مرفوعا: " ثلاث [ ص: 402 ] ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر " الحديث، حسنه الترمذي ،

[ ص: 403 ] وصحح الحاكم حديث ابن عمر : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " ، وللدارقطني عن ابن عباس : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فطر قال: "لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم "، وفي إسناده عبد الملك بن [ ص: 404 ] هارون بن عنترة ، وهو واه .

التالي السابق


الخدمات العلمية