التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1863 1964 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد قالا: أخبرنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل. قال: "إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقين". [قال أبو عبد الله: ] لم يذكر عثمان: رحمة لهم. [ مسلم: 1105 - فتح: 4 \ 202]


ثم ساق حديث أنس قال: "لا تواصلوا". قالوا: إنك تواصل. قال: "لست كأحد منكم، إني أطعم وأسقى" أو "إني أبيت أطعم وأسقى".

[ ص: 417 ] وحديث ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال. قالوا: إنك تواصل. قال: "إني لست مثلكم، إني أطعم وأسقى ".

وحديث أبي سعيد " لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر". قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله. قال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين ".

وحديث عائشة نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل . الحديث .

الشرح:

حديث أنس وابن عمر وعائشة أخرجه مسلم أيضا ، وقد سلف حديث ابن عمر في باب: بركة السحور وحديث أبي سعيد من أفراده، وقد أسلفنا اختلاف العلماء في الباب المذكور: أن العلماء اختلفوا في تأويل أحاديث الوصال فقال قائلون: نهى عنه; رحمة لأمته وإبقاء عليهم فمن قدر عليه فلا حرج، وقد واصل جماعة من السلف، ذكر الطبري بإسناده عن ابن الزبير أنه كان يواصل سبعة أيام حتى تيبس أمعاؤه . كما سلف هناك، والصوم ليلا لا معنى له; لأنه غير وقته كما أن شعبان غير وقت لصوم شهر رمضان، ولا معنى لتأخير الأكل إلى السحر على من يقول به; لأنه يجيع نفسه لغير ما فيه [ ص: 418 ] لله رضا، وقد حكم الشارع بإفطاره، ولما قال الشارع: "إني لست كهيئتكم" أعلمهم أن الوصال لا يجوز لغيره، وما أسلفناه هناك عن السلف أنهم كانوا يواصلون الأيام الكثيرة فإنه على بعض الوجوه السالفة لا على أنه كان يصوم الليل، أو على أنه كان يرى أن تركه الأكل والشرب فيه كصوم النهار. ولو كان ذلك صوما كان لمن شاء أن يفرد الليل بالصوم دون النهار ويقرنهما إذا شاء.

وفي إجماع من تقدم ومن تأخر ممن أجاز الوصال وممن كرهه على أن إفراد الليل بالصوم إذا لم يتقدمه صوم نهار تلك الليلة غير جائز أدل دليل على أن صومه غير جائز وإن كان تقدمه صوم نهار تلك الليلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية