التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1879 1980 - حدثنا إسحاق الواسطي، حدثنا خالد، [بن عبد الله] عن خالد [الحذاء ] عن أبي قلابة قال: أخبرني أبو المليح قال: دخلت مع أبيك على عبد الله بن عمرو، فحدثنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر له صومي فدخل علي، فألقيت له وسادة من أدم، حشوها ليف، فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه، فقال: " أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام؟ ". قال: قلت: يا رسول الله. قال: "خمسا". قلت: يا رسول الله. قال: "سبعا". قلت: يا رسول الله. قال: "تسعا". قلت: يا رسول الله. قال: "إحدى عشرة". ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صوم فوق صوم داود - عليه السلام - شطر الدهر، صم يوما، وأفطر يوما". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 4 \ 224]


وذكره من طريقين عنه، وفيه أبو قلابة واسمه عبد الله بن زيد، وأبو المليح واسمه عامر بن أسامة .

وقوله: (" إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ") سلف بيانه قريبا .

وقوله: ( نهتت ) هو بالنون ثم هاء ثم مثناة فوق ثم أخرى مثلها، [ ص: 469 ] ومعناها: ضعفت، ولأبي الهيثم : نهكت، وليست هذه الكلمة معروفة في كلامهم حتى "الصحاح"، كذا بخط الدمياطي في الحاشية، وقال ابن التين : ضبط بكسر التاء في بعض الروايات وبالفتح في بعضها، وأعجم التاء ثلاثا، ثم قال: ولم يذكره أحد من أهل اللغة وإنما ذكره الهروي، وابن فارس بتاء معجمة باثنتين. قال ابن فارس : النهيت دون الزئير . قال: وكذلك ذكر صاحب "الصحاح" . قال الهروي : نهت ينهت أي: صوت، والنهيت: صوت يخرج من الصدر شبيه بالزجر، وقال في رواية أخرى: نهكت ، ولا وجه له إلا أن يقرأ بضم النون، من نهكته الحمى إذا نقضته، وسلف عقب باب: ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه: "فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك ونفهت نفسك". ونفهت: أعيت وملت، وكذا في كتاب مسلم ، وذكره الهروي .

وقال الداودي : قوله في داود - عليه السلام - في "ولا يفر إذا لاقى" يريد أنه لم يتكلف من العمل ما يوهنه عن لقاء العدو. وقوله في الباب الأول: أسرد الصوم. أي: أديمه. وقوله: فإما أرسل إلي أو لقيته، الشك من عبد الله راويه، وسببه طول الزمن.

وقوله: (" أما يكفيك من الشهر صوم ثلاثة أيام ") وسبق: "صم يوما وأفطر يومين" ، وفي أخرى: وذكر خمسا وسبعا وتسعا، وإحدى [ ص: 470 ] عشرة. فإما أن يكون اختصر المحدث في بعضها، أو حفظ بعضا ونسي بعضا، أو حدث عبد الله ببعضه تارة وبكماله أخرى.

وقوله في باب: صوم الدهر: بأبي أنت وأمي، أي: أفديك بهما، وهذا من جملة توقيره وحقيق فدائه بالأنفس.

وقوله: (" إحدى عشرة ") هو الصواب، ووقع في رواية أبي الحسن بحذف الهاء، والصواب إثباتها، وكذا هو عند أبي ذر . وللأصيلي : أحد عشر بغير ياء.

ودخوله - عليه السلام - على عبد الله، فيه زيارة المفضول وإكرامه، وإلقاء الوسادة له من باب التكريم، وتواضعه - عليه السلام - وجلوسه بالأرض.

والأدم: الجلود. قال الداودي : الأدم: الجلد، والذي ذكره أهل اللغة: أن الأدم، بفتح الألف والدال: جمع أديم، وهو جمع نادر في أحرف، ومنه: أفيق وأفق، وأديم وأدم، وأهيب وأهب، زاد الهروي قضيم وقضم. قال: وهي الجلود البيض، ولم يذكر أنه نادر مثل ما ذكره الخطابي ، والليف: جمع ليفة.

وحق الأهل أن تبقى في نفسه قوة يمكنه معها الجماع، فإنه حق يجب للمرأة المطالبة به لزوجها عند بعض أهل العلم، كما لها المطالبة بالنفقة عليها; فإن عجز عن واحد منهما طلقت عليه بعد الأجل في ذلك، هذا قول أبي ثور وحكاه عن بعض أهل الأثر، ذكره ابن المنذر ، وجماعة الفقهاء على خلافه في الطلاق إذا عجز عن الوطء، وسيأتي الكلام في أحكام ذلك في موضعه من النكاح.

التالي السابق


الخدمات العلمية