التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1882 [ ص: 486 ] 62 - باب: الصوم من آخر الشهر

1983 - حدثنا الصلت بن محمد، حدثنا مهدي، عن غيلان. وحدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا غيلان بن جرير، عن مطرف، عن عمران بن حصين رضى الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أنه سأله -أو سأل رجلا وعمران يسمع- فقال: "يا أبا فلان، أما صمت سرر هذا الشهر؟ ". قال: أظنه قال: يعني رمضان -قال الرجل: لا يا رسول الله. قال: "فإذا أفطرت فصم يومين". لم يقل الصلت: أظنه يعني رمضان. قال أبو عبد الله: وقال ثابث، عن مطرف، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سرر شعبان". [ مسلم: 1161 - فتح: 4 \ 230]


ذكر فيه حديث عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله -أو سأل رجلا وعمران يسمع- فقال: "يا أبا فلان، أما صمت سرر هذا الشهر؟ ". قال: أظنه قال: يعني رمضان - قال الرجل: لا يا رسول الله. قال: "فإذا أفطرت فصم يومين ". لم يقل الصلت: -وهو شيخ البخاري - أظنه يعني رمضان، وقال ثابث، عن مطرف، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من سرر شعبان ".

قال أبو عبد الله: وشعبان أصح.

هذا الحديث أخرجه مسلم بلفظ: " هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا؟ " يعني: شعبان. من طريقين عن مطرف، وهو الصواب .

وقوله: ( وقال ثابت ) أخرجه مسلم عن هداب بن خالد، ثنا حماد بن [ ص: 487 ] سلمة، عن ثابت ، وجه كونه صوابا أن رمضان يتعين صوم جميعه.

وذكر الحميدي في "جمعه" مقالة البخاري السالفة . وقال الخطابي : ذكر رمضان فيه وهم .

و ( سرر الشهر ) بفتح السين وضمها، وعن الفراء : أنه أجود -أعني: الفتح- وسراره بالفتح والكسر، وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: وهو قول أبي عبيد - لأنه آخر الشهر يستتر الهلال ، وبه قال عبد الملك بن حبيب : لثمان وعشرين ولتسع وعشرين، فإن كان تاما فليلة ثلاثين، وأنكره غيره وقال: لم يأت في صوم آخر الشهر حض.

ثانيها: أنه وسطه، وسرار كل شيء وسطه وأفضله، كأنه يريد الأيام الغر من وسطه.

ثالثها: وهو قول الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز : سرة الشهر أوله، وعن الأوزاعي أنه آخره، حكاهما الخطابي ، وحكاهما البيهقي عنه، وقال: الصحيح آخره ، ولم يعرف الأزهري سرة. وهو ثابت في مسلم من حديث عمران . وحديث البخاري دال للأول. وادعى ابن التين : أنه المشهور عند أهل اللغة. وحمل الحديث الخطابي على أن الرجل كان أوجبه على نفسه نذرا فأمره بالوفاء، أو كان اعتاده فأمره بالمحافظة عليه.

[ ص: 488 ] قال: وإنما تأولناه للنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين .

وقال ابن التين عقبه: قال غيره: وجهه لمن يتحراه من رمضان، وحمل هذا على صومه تطوعا لغير التحري.

وفيه: دليل على ابن سلمة في منعه صومه تطوعا، وعلى أصحاب داود حين منعوا صومه أصلا. وقيل: يحتمل أن يكون جرى هذا جوابا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكلام تقدمه لم ينقل إلينا وقيل: أمره به ليودعه.

وقوله: " يا أبا فلان " فيه: جواز الكنية .

وقوله: " فإذا أفطرت " وقع في مسلم زيادة: "رمضان" . أي: منه حذفت، وهي مراده كقوله تعالى: واختار موسى قومه [الأعراف: 155] أي: من قومه، وقد جاء إثباتها في الدارمي . وأمره بصوم يومين حض على ملازمة عادة الخير ; لكي لا تقطع، ولئلا يمضي على المكلف مثل شعبان ولم يصم منه شيئا، فلما فاته صومه أمره بتداركه; ليحصل له أجره من الجنس الذي فوته على نفسه، ويظهر كما قال القرطبي : أنه لمزية شعبان، فلا يبعد أن يقال: إن صوم يوم منه كصوم يومين في غيره، ويشهد له كثرة صومه فيه أكثر من صيامه في غيره .

وقال الطبري : من اختار صيامها من آخر الشهر فلكفارة ذنبه.

التالي السابق


الخدمات العلمية